مازلنا نرى البعض منا يريدون أن يتحاوروا حواراً بيزنطياً، ولا يستحون إن رأوا البرقَ شرقياً، فيحنون إلى الشرق، أو رأوه غربياً، فيحنون إلى الغرب. وهم في ذلك يعتقدون أنهم يتقربون إلى السماء بقرابين ليست لهم. والخطأُ واحدٌ، لكنه نوعان. خطأٌ بالصدفة وهو غفلة، وخطأٌ متعمد، وهذا جريمة.
أنا لا أدري ما الضير لو حمل المقاتل العراقي اليوم راية الحسين، أو نلسون مانديلا، أو هوشي منة، أو مالكولم أكس، وسار بها على داعش والغبرين؟ ما الضير لو قال لا للعقيد، أركان حرب، الطيار مطيحان؟ سنين ولم يحتج منكم أحد حين كانت نار القادسية الثانية تأكل النسل والضرع، ولم يقل أحد منكم لماذا هي قادسية صدام، عزيز بس بالإسم، وليست قادسية العراقيين. سنين وأنتم ترون الجنود العراقيين البؤساء يرفعون وحدهم في المعارك صور الفلتة الكبرى، وكنتم فرحين مستبشرين إذ لا غالب إلاّ هو. دارت الأيام وها أنتم تلتمسون أهداب الماضي المترب، وتحنون إلى رماد الحروب، وما من مطحنة أخرى لكم، أفلا ترعوون، أم إن العراق هو غير العراق، والعراقيين غير العراقيين؟ يا لبؤسكم حين ترونهم يلبسون لباس الكفر ويرفعون رايات الشيطان الأمريكي الأكبر.
لكن حتى لو جاءت داعش الغبراء إلى بغداد، ووصلت البصرة، فكم سيطول بها الزمن؟ كم طاغٍ دخل هذه البلاد، وكم من معتد قصّ ضفائر العراقيات، وما زال العراق هو العراق
أليس العراق وطنكم؟