18 ديسمبر، 2024 11:27 م

مادلين اولبرايت وكتابها: الفاشية : لابد من تحذير

مادلين اولبرايت وكتابها: الفاشية : لابد من تحذير

مادلين اولبرايت اول امرأة تشغل منصب وزير الخارجية في الولايات المتحدة. ولدت في براغ جكوسلوفاكيا واسمها عند الولادة ماريا جانا . هربت الى بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية للتخلص من الحكم النازي وحال رجوعها عقب الحرب وجدت عائلتها قد غادرت الى امريكا هربا من الشيوعيين .
تربت دينيا ككاثوليكية وبعدها فقط علمت ان عائلتها يهودية وقد هلك معظم اقاربها في غرف الغاز الهتلرية. عرفت ذلك عندما كانت في عمر 59 من خلال تدقيق وتمحيص في تاريخ اسرتها.
وضعها العام ومعايشتها لقوى ظلام في القرن العشرين يجعلها مؤهلة بشكل فريد لمناقشة وتحليل التوجهات المعادية لليبيرالية في المناخ السياسي الحالي.
وفي ضوء كتابها الحالي ” الفاشية : لابد من تحذير” وجهت مجلة الإيكونيميست البريطانية بعض الاسئلة المهمة. وجهت لها مجلة الإيكونيميست البريطانية عدد من الاسئلة حول كتابها الجديد.

السؤال الاول

ما الفاشية ؟

اولبرايت
ليس هناك اجماع حول تعريفها
ولهذا يبدو ان المصطلح فيه نوع من الاشكالية. انا اعتبر الفاشية في كتابي ليست ايدولوجية اليسار او اليمن او الوسط ولكن اعتبرها مقاربة لمسك السلطة وتعزيزها من طرف الفرد او الجماعة التي تدعي انها تعمل باسم الامة او الجماعة .
وتمسكا بذلك الامتياز يجب ان يكون ابطالها راغبين باستخدام العنف للتحقيق غاياتهم . الفاشية اساسا ضد الديمقراطية وحتى ولو وصلت الحكومة الفاشية الى السلطة عن طريق العملية الديمقراطية.
السؤال الثاني
هل مصطلح القرن العشرين هذا ينطبق على السياسة المعادية للليبيرالية الحالية؟. ربما ازمتنا السياسية الحالية تعقدت لانه ليس لدينا مصطلح جيد لوصف ما يحدث ؟ او هل الفاشية لاتزال تصلح للمجتمعات؟

اولبرايت
لنضع كوريا الشمالية جانبا انا لا اتهم اية حكومة حالية بالفاشية. ألا انه بالتأكيد ارى هناك ما يوازي ذلك بشكل مزعج بين التوجهات المعاصرة وبين الظروف التي ظهر خلالها هتلر وموسيللني . وهذه تشتمل على التباينات الاقتصادية وتراجع الايمان بالأحزاب السياسية الرئيسة وانحطاط الخطاب العام وتشويه سمعة الاقليات والجهود المنسقة من قبل القادة لأضعاف حرية التعبير وحرف المنطق عن مساره وتشويه الحقيقة.
ربما ملاحظة هذه الامور قد يثير الرعب ولكن العنوان الفرعي لكتابي هو “مجرد تحذير ”
السؤال الثالث
من خبرتك كطفلة شهدت الطغيان وكطالبة خلال انظمة الاضطهاد وكأكاديمية وكدبلوماسية لها تفاعلات مع عدد من القادة كيف بإمكان المرء مقاومة الفاشية ليس فقط السياسيين ولكن مقاومة اتباعهم من الرعاع؟
اولبرايت
لتجنب خطر الاتهام بالعاطفية افضل رد على الاكاذيب هو الحقيقة وافضل رد على الكراهية هو نوع قوي من الحب. حيث انه وسط الثورة المخملية ابلغ فاكلاف هافل سلطات بلاده الشيوعية عليهم عدم الخوف من دعاة الديموقراطية الذين كانوا في وقتها يحتجون في الشوارع قال لهم ” لأننا لا نشبهكم ”
اليوم سنكون في ضياع اذا تخلينا عن الايمان بالمؤسسات والقيم التي تفرق بين نظم الديموقراطية بالرغم من عدم كمالها ونطم الطغاة. والتاريخ حافل بالمتنمرين الذين يبدون متماسكين فقط لفترة ليتحطموا بعدها اذا واصلوا الاضطهاد او عندا يستهينوا بالشجاعة الهادئة للأشراف من الرجال والنساء. ارى ان هناك دواعي قوية للقلق ولكن ليس لليأس اذا ما القينا نظرة على عالمنا هذا.
السؤال الرابع
هل الليبراليون والديموقراطيون سلبيون؟ وهل ان سياسة الرعاع تتطلب المزيد من الرد العضلي من جانب حملة التقاليد الليبرالية والديمقراطية؟ وهل يفقد الشخص روحيته بالنزول الى مستوى روحية خصمه؟
يجب ان نتصدى لسخرية كل من اليمين واليسار. الفاشية تنمو وتزدهر عندما لا توجد مراجع اجتماعية وعندما يسود الاعتقاد\الادراك ان وسائل الاعلام دائما تكذب والمحاكم فاسدة والديموقراطية صورية والشركات الكبرى تتسارع لتتحول الى شياطين ولا يمكن حفظ ذلك من شر الاخر الا وجود رجل قوي فيما اذا كان هذا الاخر يهودي او مسلم او اسود او من ذوي الرقب الحمراء. مؤسستنا قد تكون فيها عيوب ولكن هي افضل ما انتج خلال ال 4000 سنة من حضارة العالم ولا يمكن التخلي عنها دون فتح الابواب لشيء اسوء بكثير.
الرد الصحيح على سياسات الرعاع ليس بالمزيد من سياسات اولاد الشوارع ولكن بطيف أيديولوجي من الناس الذين يريدون جعل الديمقراطية فعالة اكثر .علينا تذكر الابطال الذين نعتز بهم مثل لينكولن وكينج وغاندي ومانديلا الذين حققوا الافضل لما نتمناه.
السؤال الخامس
يحاجج الكثير من الناس ان الاخطار التي تواجهها الديموقراطية تتطلب\تستدعي مؤسسات قوية لحمايتها. لقد عملت في اعلى المناصب الحكومية وتحدثت حول المؤسسات الا انك تظهرين انك مهتمة بنقاط ضعف القلب الانساني ومسؤوليات الافراد من المواطنين في الاوقات العصيبة. لماذا؟
اولبرايت
ان الخبرات التي شكلت مؤسسات ما بعد الحرب اصبحت قديمة واصبح العديد منها لم يعد لديه ادنى دليل لماذا انشئت ولكن هذا وحده لا يعتبر مخيف. لا نستطيع ان نستعد للمستقبل بالتمسك بالماضي . ان مؤسسات عمرها 75 سنة مثل الشخص الذي عمره 75 سنة بحاجة الى تجديد ويجب احيانا تعليمه حيل جديدة.
ولكن مؤسسات أي عصر لابد ان تعكس شخصية الاشخاص الذين يديرونها. انا اصلي من اجل ان لا يتعرض العالم الى صدمة حرب اخرى كصدمة الحرب العالمية الثانية كي ندرك اهمية المسؤوليات المدنية والصدقات الدولية واحترام سيادة القانون واحترام بعضنا لبعض.
ما من مؤسسة مهما كان بناؤها قوي بإمكانها مساعدتنا اذا ما فقدنا الشعور بإنسانيتنا المشتركة وليس بإمكانها ايضا مساعدتنا اذا ما اعتقد الناس في كل مكان انفسهم ضحايا ويحق لهم التجاوز على حقوق الاخرين بحثا عن الانتقام. تعلمنا من التاريخ ان اصحاب الثقة والحكماء يبنون انظمتهم بالصخور بينما الخائفون والانانيون يبنونها بسرعة بالقش ليس غير.
ترجمة بتصرف عن الإيكونيميست البريطانية.