17 نوفمبر، 2024 2:36 م
Search
Close this search box.

لَيلَة القَدر في … القرآن الكريم … وعِظَم المسئولية …؟

لَيلَة القَدر في … القرآن الكريم … وعِظَم المسئولية …؟

انا أنزلناهُ في ليلة القدرِ، وما أدراكَ ما ليلةُ القدرِ، لَيلةُ القدرِ خيرُ من الفِ شهرٍ ، َتنَزلُ الملائكة والروحُ فيها بأذنِ رَبِهِمِ من كلِِ ِآمرٍ،سلامُ هي حتى مطلِع الفجرِ.(سورة القدر).

سورة قرآنية مُعظمة ، نزلت في ليلة مُعظمة ، وسميت بليلة القدر ، والقَدر هو القدير القادر ،.وهي صفة من صفات الله عز وجل. لان الله مقدر كل شيء وقاضيه ، وفيها يفرقُ الله كل آمر حكيم . وليلة القدر خير من آلف شهر، اي انها ليلة خير من الف شهر ليس فيها قدر،والقدر جمعه أقدار ،وهي الليلة التي تقدر فيها الارزاق وتقضى الحاجات ، ولا تعرف بالتحديد ،لذا وضع لها زمن تخميني بين 21-29 من رمضان ، فاعتبرت هذه الايام من الايام المباركة المخصصة للعبادة والدعاء.
جماعة القدرية ليست لها علاقة بالقدر الرباني ، لانهم قوم يجحدون بالقدر، وينسبونه الى التكفير، بما قدر الله من الاشياء ، وقيل أنهم ينفون القدر، لانهم يريدونه لانفسهم. ويقول بعض فقهاء المسلمين:” ان علم الله سبق في البشر ، فمنهم من كفر ، ومنهم من آمن بنظر. ويفسر البعض الأخر بأن كل البشر يريدهم الله في هذه اليلة سائرون نحو السعادة والشفاء ، لان مفهوم الخير عند الله مطلق لكل الناس. وان الخير يقابل بالخير من الناس ، والسلطة الحاكمة العادلة ، وبالجزاء العظيم من الله لا من البشر. ويقابل نقيضه الشر بالعقاب من جانب الله والسلطةالحاكمة والناس معاً. وهذه المعاني كلها نجدها هي الاساس في نشوء القوانين والتشريعات الأنسانية مُنذ القِدَم .

من هنا ندرك ان ماجاءت آية قرآنية حدية او حدودية الا ومنافعها معها للبشرية جمعاء ، وهذا هو السر في الاعجاز القرآني العظيم . فليلة القدر هي اعظم واجل من ان ُتقرأ وتُنسى ، وانما من واجبنا وضعها على راس المنهج الدراسي في المراحل الدراسية بكل شروحها لتكون طريقا قويما للطالب منذ الصغر، ففيها من المعاني ما تعجز عنها التربية المعرفية من معرفته وتثبيته.

يقول بعض الفقهاء انها سميت بليلة القدرلكونها من الشرف ، فالشرف قدر عظيم عند الله والانسان.وقيل انه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من الخير والبركات للناس آجمعين.وهي حكمة من حكم الله عز وجل.وقيل لان للعبادة في هذه الليلة قدر عظيم لقول رسول الله (ص) : (من قام ليلة القدر ايمانا وأحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وعندي هذه مبالغة ، فلو كانت حقيقة لفسد غالبية البشر وتعبد في هذه الليلة وانتهت ذنوبه دون حساب،,هذا أمر يتنافى مع عدالة السماء المطلقة ،فالعدالة حدية لا تخترق في كل زمان ومكان.. ولقد اكثر الفقهاء في علاماتها المقارنة واللاحقة لكنها كلها من باب الحدس والتخمين وقوة التصاقهم بالايمان، فهي واضحة لاحاجة للمقارنة والتخريجات فيها..كثيرة هي في غالبيتها أوهام..؟.

ولهذه الليلة المباركة فضائل كثيرة ذكرت في القرآن :منها انها ليلة التبريك للمسلمين والمؤمنين، وكل من آمن بالله واليوم الاخروعمل صالحاً ، وقيل ان فيها تكتب الارزاق والاجال ..(فيها يُفرقُ كلُ
2
أمرٍ حكيمٍ ، الدخان آية 4) ، وفيها تنزل الملائكة الى الارض بالخير والبركة والرحمة والغفران لقوله تعالى : (….تَنَزل الملائكةُ والروحُ فيها بأذنِ رَبهِم من كُلِ امرٍ…سلامُ هي حتى مطلَعِ الفجرِ،سورةالقدر 4،5). يقول المفسرون : انها ليلة خالية من الاثام والشرور وتكثر فيها اعمال الخير والطاعة والسلامة من العذاب والعقاب،وهي كلها سلام وخير..

وعلى ما تذكره المصادر الثبت ان رسول الله(ص) قال : يُحيي المسلمون ليلة القدر بذكر الله تعالى وعبادته ، فيكثرون فيها من الصلاة وتلاوة القرأن الكريم وعمل الخير ، ويدعو المسلم بما شاء من طلب الخيرات في الدنيا والاخرة ، لنفسه ولوالديه ولاهله وللمسلمين ، وتقام في مساجد الله الدعاء الكثير، وطلب الرحمة من الله القدير.فعلى من خانوا الله والوطن والشعب ان يتذكروا الله ويعودوا الى رشدهم.. فلا نافع في الدنيا الا الايمان والاخلاص بعدالىة السماء
و الله عز وجل هو المستجيب…وهو فعالُ لما يريد…..

وعلى ذكر الكتب المقدسة للتوراة والأنجيل والقرآن الكريم ، نقول:” ان التوراة أنزلت لست خلون من رمضان، وانزل الانجيل الذي ولد المخلص لثلاث عشرة مضين من رمضان،وأنزل الزبور لثمانِ عشرةخلت من رمضان، وانزل القرآن لأربعٍ وعشرين خلت من رمضان. ورغم ما جاء من اختلافات في سورة الاعراف لكن الثابت من اقوال الاحاديث المختلفة ان كل الكتب السماوية نزلت في شهر رمضان، لقول الحق :”شهررمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان،البقرة 185″..
والحديث الشريف يُعلمنا بأن القرآن كانت بداية نزوله بهذه الليلة المباركة من رمضان ولكن ليس كل القرآن وانما بدايته،لأن استكمال نزوله في مكة والمدينة استغرق أكثر من عشرين سنة.

وهناك وجهات نظر اخرى في تحديد الليلة، لكن الثابت ان القرآن الكريم نزل في العشر الاواخر من رمضان..وليس هذا التحديد قاطعاً فيه ،والا فأنها قد تصادف الليلة الاولى او الثانية او غيرهما ، والحكمة من اخفائها كي يتحقق اجتهاد العباد في ليالي رمضان كلها طمعا ًمنهم في أدراكها وجني ثمارها..وياليت من يؤمن يتعظ..؟
وما دمنا في ليلة القدر علينا ان نعرج على القضاء والقدر كما ورد في القرآن الكريم لنتعرف على النص القرآني ونبتعد عن الفرضيات المتناقضة التي تشوبها العاطفة الدينية لنلجأ الى التفسير العلمي للمصطلحين وكيفية ورودهما في القرآن .

أبتداءً نقول ان كل الايات القرآنية التي نزلت على رسول الله تمثل قوانين الوجود وظواهر الطبيعة واحداث التاريخ التي حصلت فعلا في عالم الانسان.لان الحدث التاريخي هو قضاء قبل وقوعه ، وقدر بعد وقوعه. لذا فأن قوانين الحدث صارت حتمية بعد وقوعها وسجلها القرآن ليس على سبيل العضة والاعتبار، وانما على سبيل التحقق المادي للحدث التاريخي المذكور، لاثبات صحة النص القرآني،فهنا يظهر لنا ان القضاء هو حركة انسانية واعية بين النفي والاثبات ضمن الوجود،أما القدر فهوالوجود الحتمي الملموس للاشياء لكنه خارج الوعي الانساني لذا يتعذر على الانسان ادراكه ،كما في أهل الكهف وقصصهم، والجنة والنار،اي ان القدر لا يدركه العقل الا بعد وقوعة .

أذا تعمقنا في تفسير الايات القرآنية نراها مختلفة منها مواعظ واحكام ، ومنها وصايا ونصائح ، وتعليمات تصب في السلوك الانساني لمنفعة البشرية بعامة وليست بخاصة ،وهنا تكمن قيمة النص
3
القرآني الحضارية التي لا تفرق بين الاجناس والديانات ابدا.وهذه هي حرية الاختيار الانساني بأجلى صورها. لهذا جمعت الايات القرآنية القضاء والقدر معا، لان القدر وجود موضوعي غير مدرك والقضاء سلوك انساني مُدرك، وهنا تتكامل النفس البشرية لاداء مهمتها الانسانية ،فالنص القرآني ملزم التطبيق لانه قانون للبشر لا يجوز اختراقه بشكل كيفي ابدا.من هنا فأن القسم الرباني آية حدية لا تخترق في كل الأحوال،وليس من حق الحاكم اختراقها بالمطلق..؟،كما هي الدساتير لا تخرق،لا من الفرد ولا من السلطة الحاكمة،لانه مقيد بقانون آلهي ملزم هو القسم المقدس (وآوفوا بعهدكم اذا عاهدتم ولاتنقضوا الآيمان بعد توكيدها).ولو ألتزمنا به نحن المسلمون لما ضعفنا ووهنت عزيمتنا وتحكم فينا من لا يؤمن بديننا ،وهي مفارقة لا تقبل علينا ابدا، وليس لها من تبرير امام الله والتاريخ.

القرأن يرفض التبعية للغير في وقتي السلم والحرب ، لأنها ظاهرة يترتب عليها نظرية الفاضل والمفضول فليتعظ الحاكم اليوم ،وهي استثناء وليست قاعدة،لأن فيها تحكيم الحوار بدلا من السيف،والحرب مهما تكن لازمة فهي خلاف طبيعة الأنسان والقرآن يقول : (أدخلوا في السلمِ كافة….البقرة208). ان ما تقوم به عصابات التطرف محرم وليس في الدين من شيء. ورغم ان القرآن يحثنا على السلام ومعايشة الناس بالحسنى والوئام ، لكن الخضوع للأمر شيء ، وتطبيق النص الملزم شيء اخر.

ان القضاء والقدر،والحرية والعدالة ،هي اساس الحياة البشرية،وكلها جاءت تقريرية وحدية ملزمة في القرآن،يقول الحق :”وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..انا أعتدنا للظالمين نارا، الكهف 29″ولم يقل سبحانه وتعالى للكافرين نارا ،بل قال للظالمين نارا ،لأن الظلم عام يقع من الجميع..والصفة تتبع الموصوف ،فالكفر ينسحب على الظلم وليس حالة مفردة في القياس والتثبيت.

،نعم نحن بحاجة الى تأويل جديد للقرآن الكريم يستند على الفكر العلمي ..لا الطوبائي الفقهي الميت ،لكي يصبح القرآن قانونا يطبق،لاكتاباً يقرأ،مُزيلاً لكل الفوارق بين المسلمين والمؤمنين التي خلقتها الفرق الاجتهادية الفقهية والتي جاءتنا بأراء ما أنزل الله بها من سلطان ، ففرقتنا دون سبب ديني صحيح.هذا أمامي ،وذاك ،حنفي ، والاخرمالكي ،والرابع شافعي شافعي أو وحنبلي .اراء فقهية شخصية لم تبنى على نصٍ مكين وليس لها في القرآن منأصل. كلها مع الزمن أصبحت تاريخ لاقيمة لها في التطبيق..فهل سنتعض ونعود لوحدة أنسانية الدين..؟ لن يحقق حقوق الناس الا تطبيق القانون بعدالة بين الناس … ولا غير..

ويبقى النص القرآني هو الفيصل في التطبيق ..؟ لا ان ننطلق من فكر أحادي منغلق وزدنا عليه من عندنا الكثير بعد ان دلسنا النص القرآني لصالح التفسير الاحادي ، واستخدمنا قاعدة الترادف اللغوي ،التي تتعارض وتاويل النص . لقد نبهنا الى ذلك العلامة أبي علي الفارسي في منهج مدرسته اللغوية ، وأبن جني في نظريته الخصائص ، والجرجاني في دلائل الاعجاز . فاللغة ظاهرة اجتماعية وهي متلازمة مع التفكير ومن هنا انكروا الترادف اللغوي في القرآن …ولن ننجح الا بفصل مؤسسة الدين عن السياسة ..والحد من سلطة رجال الدين الشرهة …لا الدين ،كما حصل عند الشعوب الاخرى التي بنت دولة وحافظت على عقيدة الدين..ونحن لا زلنا من المتخلفين … والا لماذا بنت الشعوب دولا وحضارات ونحن لا زلنا في الركب الأخير الأخير. فعلينا نقل المبادىء الى تشريعات لخدمة الأنسان
وعندي هذا هو الصحيح.

4
فليلة القدرلم تكن مخصصة للعبادة فحسب ، بل للعبادة وتحقيق حياة الناس في الامان والعيش الرغيد ونشر السلام والابتعاد عن الحرب والخصام والحفاظ عن العدالة وحقوق الناس والالتزام بها.لكن هذا الشرط لن يتحقق الا بسيادة العدالة والقانون بين الناس من قبل من يقع عليهم التكليف، فأين هم في مسئولية التكليف.
ان الخيانة ..وسرقة المال العام ..وشرعنة الاحتلال بدوافع خاصة ..واشاعة الأرهاب والقتل..والطائفية والعنصرية والمحاصصية …وتزويروا الانتخابات في مجتمع كان امانا…ليس لهم في ليلة القدر ومكانتها العظيمة من نصيب…بل هم امام الله والتاريخ لهم حساب المصير .

فسلام على ليلة القدر يوم كتبت في اللوح المحفوظ … ويوم نزلت على رسول الله(ص)…ويوم بشر بها القرآن لفظاً وتطبيقاً …..لا قراءة وتجويدا…كما يفعل غالبية رجال الدين..الذين ساهوا وشرعنوا الاحتلال والتخريب.
نسئل الله الدعاء بالرحمة والبركة… والصحة والسلامة … وادامة الآمان بين الناس ….وتجنب البغضاء والاعتداء والحروب..؟ فالأنسانية واحدة..أمام الحق والقانون ..؟ وعلى السلطة ان تخضع لمشيئة الله العزيز القدير.. والا هلاكها ثابت بتقدير..فقد قتلتنا منابر المعممين في الترديد…الذي شبعنا منه عبر السنين.

أحدث المقالات