18 ديسمبر، 2024 5:27 م

لو كنت كردياً لقلت نعم في الاستفتاء، ولضربت كل شيء عرض الحائط، ادليت بصوتي ورقصت وفرحت، انه الحلم الذي كنت أسعى اليه منذ زمان، وليس لأحد ان يعتب او يلوم، انه وطني ومستقبل أجيالي المقبلة، لن اعصب الأمر برأس برزاني وأتراجع الى الخلف، سأتكلم باسم الملايين الثلاثة او الأربعة، سأكون سيداً على ارضي ولينتهي استعمار العرب الى غير رجعة، هكذا قال زوج مديرة المدرسة المتوسطة لتبرير ذهابها الى اربيل، مدعية انها مجازة للعلاج، في حين إنها ذهبت للاستفتاء، هي متزوجة من رجل عربي ينتمي الى حركة إسلامية قوية، ولا يحتاج ان يبرر تصرف زوجته الكردية، لكنه بجلسة سمر رأى ان يبرر عملها خير من ان يرى اتهامات عيون الجالسين، هذه هي الحقيقة، أقولها وانا مرتاح جداً، لو كنت كردياً لشاركت في الاستفتاء بدون أية مراجعة للنفس، او تفكير بعاقبة الأمور، فلتكن العاقبة ما تكون، هي لحظة تاريخية ستخلد في ذهن الزمن المر الذي عاشه الكورد، المدرسة وإدارتها لا تساوي شيئاً أمام تقرير مصير شعب بكامله، مازال صوته جهوريا وكأنه خطيب لجمعة احد المساجد، سأقف معها بكل قوة، وحتى لو وصل الأمر الى وزارة التربية، فانا لدي مؤثراتي هناك، أما المديرية فهذه في جيبي، الجميع صامت ينتظر ما يريد الرجل من تصريحاته المؤثرة، حتى كسر صمتهم صوت شاب لا يقدر عاقبة الأمور، فقال بصوت مرتعش، هل أنت عربي؟ فأجاب زوج المديرة: نعم، فقال له: هل تدافع عن العرب بنفس الحماس، فذهل الجالسون وراح بعضهم يغمزه والآخر يضربه بخفة كبيرة بجنبه ليمنعه من مواصلة الحديث.

لم يستسلم الشاب للتحذيرات وراح يرفع صوته شيئاً فشيئاً: هل تعرف معنى كلمة اربيئيلو، فصمت زوج المديرة، وطلب من الشاب ان يشرح له معنى المفردة، انها تعني مدينة الآلهة الاربعة بالسريانية، ولم تكن اربيل في يوم ما كردية الا في وقت قريب، هل تعلم ان السليمانية مدينة ضمها الانكليز الى العراق وهي ايرانية مقابل الاحواز التي صارت في جيب ايران، ما يعني ان العراق دفع آلاف الكيلومترات من الأراضي الزراعية مقابل السليمانية الإيرانية التي تدافع عن وحدتها أنت، أتعرف ان مندلي وخانقين وسواهما من المناطق المختلف عليها لم تكن من نصيب الكرد في يوم ما، ارجع الى التاريخ وتبين القبائل العربية والآشورية التي كانت تسكن هذه المدن، انت تدافع عن عنجهية مغتصب ليس الا، وهذا الأمر ينفعك في امر واحد واظنك تعرفه جيدا، لو كنتَ كردياً لذهبت الى الاستفتاء، ولو كنت عربياً وهو ما انت عليه، الا يجدر بك ان تكون مثل زوجتك وتدافع عن لغتك ووطنك، انت لست الوحيد في هذا المضمار هناك الملايين من الذين يتمنون ان يموت العراق، ومن ثم يبكون عليه، أتعرف أنا أتوقع ان لا احد يحب هذا الوطن، الغالبية العظمى تدعو الى تمزيقه، نحن دائما نعطي اعداءنا صفات غير موجودة لديهم، نقول مثلا: اخواننا، اصدقاؤنا، احباؤنا في حين نعلم انهم معنا من اجل انجاح مؤامرة او تمزيق جماعة او تخريب وطن، اتعرف ايضا متى تولد لدينا هذا الشعور، ولذا بقينا نبكي الاوطان بمناسبة وبغير مناسبة، هذا الشعور تولد منذ ازمنة غابرة ونحن ندفع ثمن مصالحنا وطنا كبيراً يمتد من الفاو الى زاخو، وصدقني بوجودك ووجود امثالك سيضيع من الفاو الى زاخو، لانك الانموذج للذي يفرش الارض لكل من هب ودب ولكنه يحفرها بوجه اخيه الحقيقي، ليتك تدافع عن بغداد على الأقل، ودافع بعدها عن الكورد يازوج المديرة التي تتقاضى مرتبها من بغداد وتزوجت بعربي وانجبت ولكنها بقيت مخلصة لكرديتها فليتك مثلها تكون مخلصا لعروبتك.