18 ديسمبر، 2024 9:51 م

كتابات قديمة
لم يعد من ذلك بد
قال هذه العبارة ومال برأسه ناحية الوسادة التي كانت الى جواره بينما كانت تتابعه عينين قلقتين حيث جلس اخيه وقد علت وجهه ابتسامة كانت اقرب منها الى دمعة حائرة ثمَّ ما برح ان صفق بكلتا يديه متنهدا بكلمة آآآآخ.
-لا فائدة من كل هذا الالم , ,صار هذا شيئا لابد منه
-لو كانت هناك كلمة أكبر من كلمة (آخ)هذه لقلتها انك لا تدرك معنى ان تفرقنا هذه الامور الصغيرة…
وبعد لحظة صمت اضاف متسائلا
-لماذا بحق السماء…؟
أيقظت هذه الكلمات المتلاحقة الحزينة كوامن غضب مستتر ظهرت بوادره في ضغطه المستمر على شفتيه واصطكاك اسنانه ليقول كلمة
اتسمي هذه امورا صغيرة …انها حياة …حياة كاملة سنوات مضت وسنوات ستأتي وانت تريد مني ان اضيع كل هذا .ان اضيع في هذه المتاهات التي لانهاية لها .كلا يا أخي لا اريد ان اعيش حياتي بلا هدف ولا حلم ضائعا اقاد الى ما لا اعلم.
اريد ان ارى دنيا جديدة لا تضعيني الالام لم يعد من ذلك بد
اريد الرحيل الرحيل الى آخر أطراف هذه الارض لا اريد ان يصلني الموت وانا لا اعرف أكثر من بضع طرقات وقليل من الدروب الضيقة العفنة .اريد ان ارى نورا باهرا يملئ نفسي ويضيئ عقلي ويروي ضمأ فؤادي فأنا اختنق اختنق في هذه البؤرة الصغيرة التي تطبق عليها انامل السأم والجمود والجهل والعفن. لا اريد ان اعيش كهذه الدودة الصغيرة التي لا يهمها من الدنيا الا تقممها .لا اريد هكذا حياة فهل تفهمني أنكم تضيقون الخناق عليَّ انتم غرباء عني غرباء.
….
نظر الاخ اليه نظرة حائرة وصفق بكلتا يديه متعجبا او محاولا ان يثني هذه العزيمة الجبارة عن القيام بما تريد من خلال التمسك باسم اسمى ما للإنسان من روابط الاخوة .اجل الاخوة التي عمل بجد على ان تكون شديدة الوشائج قوية الصلة فصرخ فيه قائلا:-
أتبيع أخَّوتنا بهذه الاوهام التي تعيش فيها .واضا ف مستنكرا اقواله السابقة
ما فيها هذه الحياة التي نعيشها واي نتن تتكلم عنه .اننا نربي اخوتنا الصغار نهبهم الحياة قبل ان يضبع العمر ونخسر دمنا اجل دمنا الذي سيضيع ان ضاع هؤلاء الصغار وخفف من نبرة غضبه كأنه يلفت انتباه الاخ الى قدسية الامر :-
هل نسيت وصية والدك …؟
لكن ذلك لم يكن مجديا ليغير امر حسمه صاحبه فأجاب بغضب:-
-وهل تريدني ان اضيع عمري اكراما لوصية رجل ميت …ما بالهم وما يؤثر عليهم رحيلي …انهم سيكبرون وسيعتمد كل على نفسه وسينسى اننا نحن الذين هيأنا له المكانة التي سيصل اليها وربما الجأنا ذلك الى الضعف وطلب المساعدة ممن لا يمكن ان يمدوا لنا يد.
وواجه عيني اخيه بقوة بنظرة ثاقبة كمن يشاهد مشهدا حقيقيا واردف قائلا بصلف وثقة :-
-لن اضيع سنة واحدة من عمري اكراما للآخرين …اتفهم.
في هذه اللحظة ادرك الاخ انه لا فائدة ترجى فهذا الذي امامه هو شخص آخر لا يمت له بصلة الدم او الرحم فاغرورقت عيناه بالدموع لكنه آثر ان لا يراها الشخص الماثل امامه لكي لا يعتبرها وسيلة للتأثير عليه او التوسل به .هو بكى حقا لكنه بكى سنوات من الامل والحلم عاشه في شيء مزيف انه اخيه هذا الاناني الذي لا يعرف الا نفسه ولا يريد الا ذاته فاختلط في تفكيره اللون الابيض واللون الاسود وعاش حياة رمادية كالحة لا يعرف فيها كم هي جميلة تلك اللحظات التي يمكن ان تسدي بها يد كريمة عطائها لمن هو بحاجة اليها كالمزارع الذي يسقي شجرة طيبة تهب له في النهاية كل طيب وكريم وزعق في اخيه زعقة عظيمة كانت هي العبارة الفاصلة
اخرج….اخرج فلست بأخي!!!!!!!