22 نوفمبر، 2024 8:46 ص
Search
Close this search box.

لمن أكتب بالقلم…لك ايها القارىء..أم للألم الدفين ؟

لمن أكتب بالقلم…لك ايها القارىء..أم للألم الدفين ؟

ما فكرت يوما أني اكتب للقارىء الكريم ليقرأ فقط ..بل ليقرأ ويتعظ من الألم الدفين الذي يلف وطني منذ زمن .أكتب حين أتألم..واكتب حين أبكي..وأكتب حين أحزن.. وأكتب حين أفرح. فالكتابة تعبير صادق عما في صدري من الصمت والألم .. وعما أبوح به في اعماقي من خيالات الزمن واعماق البشر..وبالقلم اشعر بمعاناة نفسي ..فيما بين العقل والعاطفة .. وما أعاني فيما بينهم من فرق في الخيال والتطبيق ..ومن مرارة حقيقية في عقلي الباطن من غير ان يدري احد بحالي..أنها مآساة يسببها لي القلم.
يقول امبراطور فرنسا نابليون بونابرت :الكلمة في الدنيا أثنتان السيف والقلم ،أما السيف فالى حين ،وأما القلم فالى كل حين،السيف مع الايام مكروه ومغلوب،والقلم مع الأيام غالب ومحبوب ومطلوب.
القلم يكتب للانسان كل انسان بين حناياه الالم ،ويكتب له وبين ضلوعه الأمل ليقل لهما .. ان كل شيء على مايرام اذا ما احسنت صنع الامل بالقلم..حتى الله جل جلاله جاء لنا بسورة أسمها”القلم”.
كان صديقي فقيرا يرزخ تحت ثقل العوز والألم ،فكان دوما يطلب الخلاص منهما لكنه لا يجدهما..وفي يومٍ وجدهما حين فكر بالقلم..فدخل مدرسة ليلية يدرس فيها بالقلم..لا يمتلك اجور الدراسة لكن مديرها (المرحوم كاظم شكارة – طيب الله ثراه- الذي رأيته بعيني يوم كنت طالبا في المدرسة ) كان يُعلم بالمجان من يحتاج للقلم..تدرج الشاب والمدير يراقب فظهر انه احسن ممن مسك القلم..تشجع المدير وضمه لمكتبه كي لا يشعره بمذلة الزمن..فرح الشاب بما جاء له به المديرمن رحمة القلم..
تطلع الشاب بعقله نحو القلم ففكر في نشاطات المدرسة ليتعرف على الكثير من اصحاب القلم..فرأى كم منهم من كان يعاني الحرمان والألم..لكن حين توفرت له فرصة القلم سعُد في حياته واستبدل الالم بالفرح ..لم يسكت ويرضى بالذي اصابه وحيداً..بل اراد ان يشرك الاخرين سعادته بالقلم.فما السبيل الى ذلك..
قال لمديره الذي علمه القلم : سيدي المدير اسمع عن الكثير من ابناء وطني ينتحرون من يأس الحياة حين يصل اليأس بهم الى درجة مخيفة رهيبة بحيث لم يعد للأمل في الحياة التي يحيَوها من أمل. وقف المدير متعجبا غاضبا مقهورا ليقول :”ينتحرون” يا لمآساة الزمن ؟من هذا الذي اودعه القلم،فقال ما تقصد وتريد : قال اريد ان يُسَعد ابناء وطني بالقلم..فقال المدير وكيف:قال نعمل سوية لنجد لهم عمل وقلم..قال المدير أفعل بما تأمرك به نفسك وانا لك العضيد في المال والقلم..
جمع الرجل الفقراء والمعوزين وقال لهم :ما رأيكم ان نعمل سوية لنعيش ..ولكن علينا ان لا نترك القلم..فرح الجميع منتظرين العمل فقالوا :ماذا ينبغي ان نفعل للحد من ظاهرة العوز والألم ..قال لهم : رجل انسان يقدم لنا النصح والمال والقلم..ونحن نقدم الجهد بالنفس وامانة العمل ..غدا كلنا سنعمل في المدرسة في مراقبة الطلبة وتقديم الغذاء لهم والمحافظة عليهم ..بعدها نتجه للكتابة والقراءة بالقلم..
في لحظة الفرح والخروج من الألم رأينا الله القدير قد اعاننا على الوحدة والصدق والعمل والقلم..واذا بالمدير يرفع لنا الراية ويقول كلكم في المدرسة تحت رعايتي والقلم..فما كانت النفوس المعذبة الا ان تلجأ لخالقها ليهيأ لها رحمة العيش والقلم حين قال لنا المدير: انا معكم ايها المخلصون للقدر كل الايام حتى أنقضاء الدهر.
انظر اخي القارىء كيف هيأ المدير العمل والقلم لواحد منا كان محبا وصادقا لينجينا جميعا من فقر العوز في الزمن..فماذا لوعمل الكثير منا ما عمله المدير للقلم ؟ نعم اخترقنا حاجز العوز وانتقلنا لمستقبل القلم..فلم يعود الألم دفينا فينا عند ذاك بل مُعلماً لدى خالقه وصانعه وهو وحده يستجيب الدعاء المكتوب بالقلم..
كم في وطني اليوم من موسرٍ يستطيع ان ينقذ منتحراً قد المَ به الفقر والعوز ليقدم على الانتحار تخلصا من الالم..لا ان نفكر بوضع اسيجة الحديد لنخرب المنظر والجسر معاً …البدائل كثيرة لكن الرجال صغار لم يصلوا بعد لما كان عليه المدير السابق لمدرسة القلم..

أحدث المقالات