مع انتهاء حكم صدام حسين النظام الدكتاتوري الفاسد في نيسان 2003 ومجيئ سلطة التحالف بقيادة بول بريمر الذي بدوره بدأت اسوءمرحلة في زيادة ادارة الفساد من خلال القرارات التي اصدرها في كيان الدولة وهي كثيرة وعلى سبيل المثال تحويل جميع عقود الاستثمارالى شركات امريكية دون قيد او شرط مما جعلها بمثابة لقمة سهلة بين الفاسدين منذ ذلك الوقت
ويبدو أن الحكومات المتعاقبة منذ الاعوام المنصرمة حاولت جاهدة من خلال إمكانياتها المحدودة ايجاد وسائل واضحة في سبيل تحديدوتقييد الفساد المستشري في عموم مفاصل الدولة لكن وقفت بصمت دون حركة بسبب ازمات الشلل الحكومي اثناء ما يسمى بالحربالطائفية التي حصلت في عام 2006 تحولها في نهاية 2010 الى حرب المفخخات التي راح ضحيتها الاف من العراقيين
واستمرار الصراع بين الكتل السياسية حول المناصب التنفيذية في كيان الدولة لغاية 2013 الى ان حدثت نكسة سقوط الموصل التي كانتبمثابة موت مؤقت للعملية السياسية لولا اصدار فتوى الجهاد الكفائي للسيد السيستاني مع وقوف جميع دول العالم مع العراق لدحرعصابات داعش من المحافظات المغتصبة وتحريرها نهاية 2016
ومع عمليات تحرير تلك المحافظات المغتصبة جاءت مرحلة اعادة تاهيل وبناء المدن التي تدمرت نتيجة تلك الحقبة مع وجود هذه التحدياتبدأت عملية الاستحواذ على السلطة تزداد وفق مبدا المحاصصة والتوافقات السياسية وفرض الارادات الحزبية حتى على الحلقات الهشة فيكيان مؤسسات الدولة مما جعلها تبدو قوية في ظاهرها وضعيفة في ادارتها الوزارية بسبب تسليم تلك الحقائب ضمن الفئوية الحزبيةوليست ضمن الكفائة العلمية مما جعلها غير قادرة على محاسبة حيتان الفساد
ومع تلك الاعوام السابقة لغاية الان فأن الفساد المالي والاداري بدأ يزداد تعقيدا ويزداد تجذرا في عمق الدولة لدرجة اصبحت جذوره ممتدةالى ما لا نهاية مما جعل هذا التمدد يحدث نفسه مع وجود اي حكومة مكلفة في ادارة الدولة
وحقيقة ان صفة حيتان الفساد التي اطلقتها الحكومات المتعاقبة على رؤوس الفساد المالي والاداري قد تغييرت الى اشباح الفساد كونهاكبرت واصبحت سراب يجوب جميع المؤسسات باذرع في جميع مفاصل الدولة وبامكانها عبور الاماكن المحظورة ولديها القدرة على ابتلاعالمشاريع الكبيرة دون وجود رادع واقعي يمنعها رغم تشريع قانون النزاهة ومكافحة الفساد في البرلمان والاجراءات الرقابية من قبل هيئةالنزاهة والاجراءات الادارية الصارمة من قبل اقسام الرقابة الداخلية في جميع وزارات الدولة ، الا انها مازالت قوية تتلذذ بجشع كبير دونرقيب وعتيد
ومع دخول حكومة محمد شياع السوداني حيز العمل لتنفيذ برنامجها الوزراي المعد وجدت نفسها أمام تحديا كبير في مجال مكافحةالفساد يتمثل بصفقة القرن التي حصلت مع نهاية حكومة الكاظمي والسؤال هل سيتمكن السوداني من انجاز هذا الملف وايداع ومحاكمةالفاسدين امام وسائل الاعلام لغرض تقوية الدولة وتطويرها ونضوجها امام التحديات بعد عشرون عاما من العملية السياسية
انتهى