23 ديسمبر، 2024 10:07 ص

يستيقظون مبكرين ، يتوزعون على مناطق العاصمة، يحملون الموبايلات ويكونون شبكة تنتشر على المناطق المهمة من المرشحة للانفجارات، والاتصالات تجري بينهم لحظة الانفجار، ويصلون قبل وصول سيارات اطفاء الحرائق وفرق الدفاع المدني، كان احمد يهيىء نفسه مع ( الستوتة) يحمل معه سجاد وعباس ، يرتدون ثياب العمل، ويخرجون مبكرين يبحثون عن رزقهم كما قال لوالدته، قبل يومين شكى من قلة العمل لصديقه، فالتفجيرات قليلة، وانفجار الكرادة لم نستطع الدخول اليه لانه حدث في ساعة متأخرة، وحتى الموبايلات تفحمت، كان احمد يشكو الى احد زملائه في العمل ويردد : ماكو شغل هالايام ، ماكو انفجارات، قبل مدة من الزمن عندما عاد بغنيمته من احد التفجيرات الاجرامية، لم تستغرب والدته من البضاعة ، فقد كانت موبايلات ومحابس وساعات ومبالغ نقدية ، واحيانا تكون مصحوبة مع هويات الاحوال المدنية، كان يشكو من ان الغنيمة تكاد لاتسد الرمق، فجميع التفجيرات تحدث في مناطق فقيرة، وهو يتحسر انها لم تحدث في مناطق الاغنياء، اننا نعيش بالقدرة فحياتنا تعتمد على مصائب الآخرين، قبل يومين اتفق مع صديقيه  سجاد وعباس، لنذهب الى العلوة لنحمل الخضار ومن ثم نأتي لبيعه، لكنهم قبل ان يصلوا بقليل دوى انفجار مرعب، فعادوا سريعا الى مهنتهم القديمة وراحوا يفتشون جيوب الموتى.هذه الساعة جميلة، لماذا لا ارتديها، ربما لا تليق بي، فمعصمي اسمر جدا احرقته الشمس ونفايات الموتى، لم اكن اتوقع ان يصل بي الحال الى هذه المواقف،  ربما توقفت الانفجارات وعندها ساموت من الجوع انا وعائلتي، هل من الممكن ان استمر بهذا العمل الوضيع، انا لا ارتدي الساعة لان صاحبها جاءني في المنام وقال لي:ان حبيبته قد اهدتها اليه، وصارت عبئا ثقيلا، حتى انها غير قابلة للبيع مع انها جميلة جدا، هذه الساعة عذبتني كثيرا، ربما سابحث في يوم ما عن قبر صاحبها واعيدها اليه، كل ماجرى لي بسبب هؤلاء  الذين يسيطرون على مقاليد الحكم، لم احظ بوظيفة كما هم اصحاب الواسطات، حتى العمل في البناء توقف، كنت اذهب انظف المجاري واطرق الابواب كالمتسول لاحظى بالف دينار وعندما اجمع ما لدي لايتجاوز 4 آلاف دينار، لان بعض البيوت يعطون 250 ويساوون بيني وبين المتسولين، يجب ان اعيش ربما سرقة الاموات هذه ستنتهي في يوم ما وبعدها ساتحول الى سرقة الاغنياء الاحياء، حتى وان اضطر ان انتمي الى عصابة مسلحة.
انهم يتمتعون بالسيارات الفارهة والبيوت ونحن لانملك قوت يومنا، اي دين اقر هذه الشريعة السخيفة، واي فكر قال بهذا، لايمكن ان ابقى في هذا الوضع عليّ ان اجد طريقة اخرى، لقد كان ابي يحكي لي عن اللص الذي كان يسرق اكفان الموتى وكم كنت اتقزز من هذا العمل، لكنني الآن امارس الا بشع منه، ولكنهم موتى لايحتاجون الهواتف ولا الاموال، وانا وهؤلاء الجياع نقوم بسرقتها وبيعها لنأكل ونقرأ الفاتحة على ارواحهم كما يفعل الآخرون من السياسيين الى الطبقات الفقيرة، انهم يصفونني باللص الخارج عن المألوف، ومن يسرق الرصيف ويضيفه الى بيته، الم يكن لصا ومفضوحا ايضا، نحن نعمل فقط في اوقات التفجيرات، وهم يسرقون في كل الاوقات، من اين لهم هذه الاموال، هل هي فعلا من المرتبات الشهرية، انها من السرقة النظيفة، سرقة امام المكيفات والسكرتيرات والحاشية والخدم والمزارع والبيوت الفارهة، يجب ان اعيش، فقد خلق لي الله فما مثل افواههم وعليّ ان أأكل، وليقولوا مايقولون، كلهم لصوص من بائع الخضروات الى رئيس الجمهورية، دوى انفجار كبير، اتصل به اصدقاؤه، خف الى المكان، انه سوق شعبي، قلب الجثة، اخرج الهاتف النقال ، اتصل باول رقم كما يفعل مع الآخرين، فرن هاتفه في جيبه، وصرخ باعلى صوته: ياخويه ياعليوي.