(ما سينشر من قصص هو ترجمة لمعانات واقعية، عشتها كطالب ماجستير تخص مساحة علمية محددة،وليست بالضرورة أن تكون حالة مطلقة للأوساط الأكاديمية،فهناك مايثلج القلب ويطمئن الحريص الغيور على بلده،وجود رجال حريصين على ناصية العلم،ويحافظون على أمانته.غايتنا تصحيح المسار،ولا ننطلق من عقدة،والله المطلع في الأولى والآخرة).
الحلقة الثانية
“الفخ”
تبدأ ملامح مخطط ترقين المستهدفين أو ممن وضعوا في علامة “الزائد” في أول أيام المباشرة بالدوام!،عبر خلق حالة من الإرباك،وعلى خلفية عدم تنسيق بين الأساتذة،فبينما كنا لا نعرف ماهية الدوام ولا من هم أساتذة المواد دخلنا بمادة “الصحافة الاستقصائية”،بطلب من رئيس القسم الذي التقى بنا لقاء تعارف مع شرح تمهيدي لشكل المادة التي سيُدرسها لنا “مناهج بحث”،بسبب عدم وجود العميد،الذي كان كثير السفر،وعادة ما يكلف بعض الأساتذة نيابة عنه،بإعطاء مادة الصحافة الاستقصائية،التي يعدها العميد من أهم المواد وأفضل أنواع العمل الصحفي،ويحثنا باستمرار على الغوص العميق والجدية في سبر غور تلك الصحافة.
رغم تشديده على أهمية الصحافة الاستقصائية،بيد انه غاب عن معظم المحاضرات بسبب كثرة سفره ومشاغله!.
” ماجستير يحاضر في الماجستير”!
بسبب سفر العميد المتكرر طيلة مدة الدوام،وانشغال معظم الأساتذة بمحاضراتهم،تعذر إعطاءنا المادة بالنيابة عن العميد من قبل الأساتذة كما جرت العادة،ما اضطر السيد العميد تكليف احد الطلبة المقربين،بإلقاء أحدى المحاضرات بدلاً عنه في سابقة لا يحصل مثيلها حسب علمي في مسيرة التعليم العالي،وقد تحسب للرصانة العلمية التي يُطبل بها في الكلية!!!،وفي لحظة طيران وزهو من قبل زميلنا “المحاضر البديل”،نسف “صاحبة الجلالة” وتأريخها الطويل،عندما تجرأ بقوله بعدم وجود صحافة عراقية!،فالصحافة التي تفتقد إلى العمل الاستقصائي،لا تعد صحافة،وهي صحافة تلميع وأبواق لا غير!.حقيقة لم أتمالك نفسي كصحفي كتب الكثير بتجربة شخصية إلى جانب الكثيرين من الزملاء،لعلمي بدور الصحافة العراقية،بكشف الكثير من الملفات،فضلاً عن دورها في الحديث نيابة عن المواطنين والدفاع عنهم.
يبدو أن الاصطدام هذا أسس للكثير فيما بعد،لكن الذي أوصل الأمور إلى تجاوزي الخطوط الحمراء برأيهم …..
(لا دين ولا وطنية)!
قبل أن ينتهي الكورس الأول،تم تعيين معاونة علمية جديدة بدل المعاون العلمي السابق،بحسب معايير العمادة التي تعتمدها.
استهلت عملها بزيارة طلبة الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه،وكما عُرف عن المسئولية في العراق (كمثل الفوار في الماء)،أثناء زيارتنا سألت عن طبيعة المواد التي ندرسها وتفاعل الأساتذة ،أجاب الزملاء عن أسئلة الدكتورة،كنت غير راغب بالحديث،لمعرفتي بان تلك الزيارات هي إسقاط فروض!،بيد أن موضوع الرصانة العلمية،دفعني للحديث عنوة،سيما وأنني أوصف بعدم تشخيص مصلحتي،وخيالي السارح،بفضيلة القيم والمبادئ التي أصبحت من أحاديث الخرافة في بلد(……)!.
نعم كنت ولازلت وسأبقى ضد قواعد (أكل أوصوص ـ اشخط يومك ـ مشي أمورك)!.
ضربت لها مثلاً بسيطاً عن مادتين أخذناهما بمرحلة المتوسطة هما (الدين والوطنية)، وعادة ما كانا شاغران،فتارة يأخذنا أستاذ الانكليزي وأخرى أستاذ الرياضيات وهكذا الأساتذة…. )،والنتيجة أننا أضعنا الدين والوطنية!، مادة الصحافة الاستقصائية التي ينادي أستاذها بمفهوم الرصانة العلمية،انتهى الكورس وهو لم يحاضر نصف المنهج المقرر.
حملت الأستاذة مشاكلنا واقتراحاتنا،بأمانة إلى العمادة،حقيقة لم أكن أتصور حجم حديثي،فنحن في بيئة علمية يفترض أنها الأوسع والأرحب صدر في تقبل الملاحظات سيما فيما يتعلق بالمسيرة العلمية،ثم أن العميد كثير السفر والمشاركة بالمؤتمرات والندوات،ومن الطبيعي ان يغيب عن بعض المحاضرات،بيد ان الغير طبيعي أشارة احد الأساتذة الأفاضل الذي فاجئني في أحدى المحاضرات،وهي حقيقة كانت جرس إنذار،وهو يربط حديثه عن طبيعة المواجهات في الأزمات يعني (أذا مشكلتك مع أم عادل أم الشاي سهلة بس مع العميد صعبة!!!).
فعلاً صعبه،وما يزيد الطين بله ….،أنني لا أجيد الانحناء،ولست من حديثي رواد المتنبي….،فقد هجرته بعد أن اعدم صديقي في الثمانينات…….وللحكايه تتمه ونهايه…..