22 ديسمبر، 2024 7:27 م

كانت أفعال العرب تسبق أقوالهم , فكلامهم يخبر عن أفعالهم , أو إنجاز قد تحقق , وما عرفوا كلام العبث , وما حسبوا الكلام فعلا , بل أنه يشير لفعل.
واليوم صار الفعل كلاما , وما عاد للفعل قيمة عملية , بل هو الكلام وحسب , وفي زمن التواصلات الإجتماعية السريعة المتنوعة , أمعن أبناء الأمة بالكلام وأصبح هو العمل.
ولهذا فالمواقع والصحف تزدحم بالكلام المرصوف في مقالات وإبداعات أدبية , وإن كان شديد النقد للواقع المعاش لكنه ما غير من أحواله , بل أسهم في زيادة الويلات والتداعيات , وتوافد الإنهيارات الخسرانية على كافة المستويات.
فالقوى المفترسة للوجود العربي , ذات جلود ثخينة , أو أترسة أسمك من تروس السلاحف , فلا تمضي بها سهام الكلام , بل يزيدها متانة ويمنحها المزيد من الإقتدار على إفتراس أكثر.
والسبب أنها مؤيَّدة من القوى التي تعمل لخدمتها وتأمين مصالحها , ولا يعنيها الوطن والمواطنين , إلا بقدر تأدية الخدمات للسيد المهيمن على مصير الكرسي.
وبموجب الثوابت المفروضة والإدارات الفاعلة , فليكتب مَن يكتب , وليصرِّح مَن يصرح , وليسب ويشتم من يستطيع , فكل ما يبدر منهم مجرد هراء , فالقافلة تسير على سكة آمنة معبّدة بقدرات القوى المهيمنة على البلاد والعباد , والوكلاء يتنعمون بالغنائم المشرعنة بفتاوى الغادرين , والممنوحة لهم بإسم الدين كرزق من رب العالمين , الذي يرزق من يشاء بغير حساب.
فلا مَن يقرأ ولا مَن يسمع , فالقانون المفروض والسائد عنوانه السمع والطاعة , وعلى كل شخص أن يتبع ويخنع , وإن أراد أن يرى ويتساءل , فأن الذئاب جاهزة لإفتراسه وتلقين القطيع درسا به.
فكلها إقطاعات مؤدينة وشركات مشرعنة بفتاوى ولا حرام ولا رادع , فأحل لكم أخذ أموال البلاد وإغتنام ثرواته , ومصادرة حقوق المواطنين فيما يحلو لكم من توصيف , وأولها أنهم من أعوان النظام السابق , وآخرها أنهم من الزنادقة الكافرين.
وكل مَن عليها فان , وتبقى الوجوه الكالحة التابعة للجيران!!