هذا العصر فتان منان , أسقط الأقنعة وتهاوت فيه الجدران , وتعرى الضلال والبهتان , وتبين أن آفة الشعوب والأمم تتلخص بالأديان.
والسبب الذي جعل الأديان آفات الشعوب , ليست الأديان بما فيها من رؤى وتصورات وعبارات , وإنما المعممون الذين يدّعون التدين ويتخذون من الدين صنعة أو تجارة وإن شئت “بزنز” , فهؤلاء الذين يتبزبزون بالدين هم آفة الدين وشيطانه الرجيم.
ولهذا فأن الأديان وبلا إستثناء سقطت في هاوية الشرور وإتخذت من الدين ذريعة لسفك الدماء والظلم والنيل من حقوق الإنسان , بل أنها جعلت الدين وسيلة للقهر والإستعباد وإتخاذ القرارات المذلة المشينة بحق الإنسانية جمعاء , وأفتى المتبزبزون بالدين بالتطهيرات العرقية وإعتبار الآخر غنيمة وملكا مشاعا للمُضللين المعفرين بالبهتان ومعطيات أمّارة السوء التي فيهم.
والتأريخ البشري مليئ بتفاهات ومنكرات وآثانم وخطايا هؤلاء الذين دينهم هواهم , وربهم على مقاساتهم ونواياهم السيئة المحقونة بالكراهية والعدوانية والإنتقامية من الحياة والأحياء , لأنهم يعتقدون بأن الحياة حكرا عليهم وأنهم الأسياد الذين ينفذون إرادة ربهم المجنون فيمعنون بالبشائع والمجون.
فهم الذين يقتلون ويعذبون ويقهرون ويدمرون ويخربون ويفسدون ويغتصبون ويعيثون شرا وكفرا في البلاد والعباد , وتراهم بتعبدون في محراب الأباطيل والدجل والأفك والمراءات والتبعية والعبودية لشخص مقنع كذّاب أثيم , وما يحصدون غير الدماء والدموع والويلات والأنين , وهم فرحون بما يقترفونه من الجرائم بحق القيم والأخلاق وأبسط المعايير.
هؤلاء هم المعممون الذين كلما زاد عددهم في أي مجتمع تحول ذلك المجتمع إلى ميدان صراعات وخرابات وكراهيات وطائقيات , وعشعش فيه الفساد والإقتتال ما بين أبناء الدين الواحد , والهدف واضح ومبين , إنها “البزنزة” لا أكثر ولا اقل , فأرباحهم تزداد كلما تفاقمت الصراعات وتنامت الشرور , وهم الأتقياء الأعفاء الذين يأتيهم الرزق الوفير من ربهم السقيم الذي يعبدونه ولا يخشعون لعبدٍ سواه , وربهم مثل اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى , وهم الذين يسبحون بأسمائها ويحسبون أنهم يطيعون رب العالمين.
لقد كذبوا وتعبّدوا في محراب جيوبهم ومنافعهم وكراسيهم المؤيَّدة بأسيادهم وأربابهم الطامعين!!
فأدركوا معنى الحياة والدين , ولا تصدقوهم لأنهم من أكذب الكاذبين!!
فدينهم الدجل وربهم الذي يملأ جيوبهم بالمال الحرام وهم يتغافلون , وفي سكرتهم يتطوّحون!!