الكرسي هنا يمثل السلطة , والذي يجلس عليه يجب أن يتمم قوائمه الأربعة, بما يراه مناسبا للحفاظ على بقائه فيه , رغم أنه سينكسر عاجلا أم آجلا.
وقد تمثلت القوائم بما يلي:
أولا: القلم
الكراسي بلا أقلام لا قيمة لها ولا دور , والقلم يرمز للإعلام , فللكراسي أبواقها , من ذوي الأقلام بأنواعها , وتجدهم يحومون حولها ويتسولون بقربها , ويعبرون عن رؤاها وتطلعاتها ويزينون ما تقوم به.
ثانيا: العمامة
العمامة تمثل تجار الدين الحافين من حول الكراسي في كل حين , وعلى مدى القرون للكراسي فقهاء , وأبواق مؤدينة , تبرر المآثم والمظالم , وتشجع الحكام على القيام بما لا تقبله الأفهام , ولا تقره الأديان , وقد عانت شعوب الدنيا من هذه التفاعلات العدوانية على الدين والإنسان , والتي تقترحها العمائم وينفذها الجالس على كرسي الجور والإمتهان.
ثالثا: البطش
الفرد الحاكم يبطش بمن دونه , ويرى أن لا بد من سفك الدماء والتصرف على أنه الحاكم المطلق , الذي لا يردعه قانون أو يوجهه دستور فهو كل شيئ , ولكي بعزز سلطانه ويؤكد هيبنه وجبروته , لا بد له أن يقضي على مَن يشتهي من الناس.
رابعا: القطيع
تحويل الناس إلى رتّع خنّع من ركائز الكرسي المهمة , فلابد من تأمين مبدأ السمع والطاعة , وتعطيل عقول البشر وإحلال عقل السيد المتسلط في رؤوسهم , فهم كهوّ ولا يمكنهم أن يروا بعقولهم وينظروا بعيونهم , لأن في ذلك خروج عن سكة الطاعة , وعدوان على نظام الحكم الذي يستوجب القتل والتنكيل , والتعذيب الفظيع في معتقلات السيد المطاع.
ولو تأملنا أنظمة الحكم في بلداننا فسنجدها تتمحور حول هذه القوائم , وإن فقدت واحدة منها تهاوت واندثرت , وحلّ مكانها كرسي آخر سيؤول إلى السقوط المرير في حضيض الذل والهوان الشديد.