القمم العالية تزدحم في مسيرة الأمة , وتذكر بعضها -المسموح بذكره- أجيال ترى أن تلك القمم عالية ولا تستطيع الوصول إليها.
وهذه فرية أسقطتهم في خنادق التداعي والخسران , لأن الأرض تدور , وما هو قائم في الآن أكثر تقدما وتطورا من الذي كان , والفرق أن ربّان المسيرة يختلفون.
فأحياؤنا أحسن من أمواتنا , وأعظم قدرة على العطاء الأصيل والبلاء الأثيل.
فلماذا التوهم بفقدان الإقتدار على الإتيان بأفضل مما أتى به الأولون؟
إذا كان الأجداد أفذاذا فالأحفاد عليهم التفوق عليهم لتوفر ما لم يتوفر عندهم في ذلك الزمان.
إن الموروثات الحضارية تسري في ربوع المواليد الواعدة بالأفضل والأقدر.
فعلينا أن نتحرر من وهم الضعف والقنوط , ونفعّل العقول ونحفزها على العمل لمواجهة التحديات وإستشراف المنطلقات اللازمة لمعالجتها بنجاح أكيد.
القمم تلد قمما أعلى منها , وتؤسس لسلسلة من الرموز المتكاتفة المتباهية بجميعها , فلا توجد قمة فريدة في مسيرة الحياة , بل القمم تتواصل وتتفاعل وتتلاحم لتبني كينونة أكبر من تفردها وتشامخها.
سلسلة قمم عقلية , أعلى من أشمخ سلسلة جبال , وتتجاوز الهملايا في تطلعها نحو أعماق الكون المتسع الفسيح.
فهل يعتبر الجديد من القديم , أم يندحر فيه ويبيد؟!!
د-صادق السامرائي