يقول الناقد فاضل ثامرفي مستهل كتابه الموسوم ” التأريخي والسردي في الرواية العربية .” كتابي النقدي هذا محاولة لقراءة الرواية العربية الحداثية وما بعد الحداثية في تعاملها مع التأريخ بين الإمتثال لفتنة التخييل كليا واعلان القطيعة مع ما هو تأريخي ورسمي ، وبين محاولة خلق تاريخ بديل يشاكس التأريخ الرسمي الذي هو تأريخ الملوك والسلاطين والحكام المنتصرين ..”
ففي كتابه النقدي هذا، يتناول الناقد ثامر ، مسحا عاما ؛ عرضا ونقدا لكوكبة من الروائيين العراقيين ، والعرب منهم ، الذين وضعوا آفاقا لتحوّلات السرد الروائي العربي المابعد حداثي ، وما يُطلق عليه مصطلح الميتا – سرد meta – narration ؛ وهم الذ ين أسسوا ايضا في سردياتهم ونقودهم ، ثوابت لهذا العمل ما بعد السردي ، أي تناول مادة التأريخ بوصفها عملا ابداعيا . وهم ايضا بالتاكيد قد تأثروا بهذا المنحى أو ذاك ، بكتّاب من خلال تناولهم أعمال هؤلاء الكتّاب . ويُعدّ الناقد فاضل ثامر من جهة أخرى، من أوائل المعنيين بتناول اعمال هؤلاء الروائيين ، وهذا ما نجده في سفره ” التأريخي والسردي ، في الرواية العربية .” فضلا عن اعماله النقدية الأخرى . وإذ يتعذر علينا إستعراض كل عمل من أعمال هذه الكواكب ، الذين تناول الناقد الإبداعي، فاضل ثامراعمالهم التي أطلق عليها مصطلح ما يسمى مفهوم الميتا – سرد ، كما اسلفنا اذ سبق له أن تناولهم بهذا الشأن؛ فضلا عن قيامه ، بعملية مسح تام ، لقراءة أعمال كتّاب غربيين ، أهّلته لغته الانجليزية في أن يتناولهم فرادى، اذ كانوا يشكلون قاعدة أساس في تناوله لهذه الظاهرة ، ظاهرة ثيمة ما اصطلح عليه سرد ما بعد التأريخ ، في الأعمال السردية العربية ؛ أي بمعنى آخر ثيمة التناول الفني للتأريخ ، كما نوضح في كلامنا هذا .
ففي عملية نقده هذا ، للأعمال الإبداعية التي ضمها هذا العمل السردي، والذي تناول فيه الرواية العراقية وصنوها الرواية العربية إجمالا، واعتمدهما مادة لتناول الأعمال الروائية ، الإبداعية العراقية والعربية على حد سواء . فقد استخدم فاضل ثامرمادة التأريخ عجينة، للأعمال السردية ، بوصفها مادة إبداعية ، وبالذات الأعمال التي يُطلق عليها ثيمة ما بعد التأريخ ، التي من مهامها لدى الناقد بهذا الشأن ، التناول التأريخاني ، بمعني آخر إستخدام التأريخ بوصفه مادة للتناول الإبداعي كما اسلفنا ، وليست مادة للتاريخ الصرف ، وبطريقة أخرى، تأريخ المهمشين والمعذبين تحت اسواط الجلادين والملوك والسلاطين. وأعني هنا ، كتابة الرواية تفيد من التأريخ عموما ، يكتبها الروائي بوصفها مادة يطلق عليها فنية التناول التأريخاني للأعمال الروائية أو بمعنى آخر السرد الروائي التأريخاني . وهو هنا ، أي فاضل ثامر ، على سبيل المثال لا الحصر ؛ يذكر في سفره النقدي هذا التأريخاني ،” التاريخي والسردي في الرواية العربية بهذا المقطع :
” إذ يتواصل هذا التنازع بين سلطتين ، سلطة المُتخيّل السردي في الكثير من الأعمال الروائية العربية الحديثة ، وبين مركزية التأريخ ، على رسم عالم افتراضي بديل ، في منحى لتفكيك المركزية التأريخية الصارمة ، واستبدالها برؤية تخييلية وافتراضية بديلة وأكثر إنسانية ، ومرونة واستجابة للنزوعات ، والأشواق الإنسانية المقموعة والمسكوت عنها ..”
كما يأتي هذا في مقال الناقدة أ. د هناوي سعدون ليؤكد ما يذهب اليه الناقد فاضل ثامر بهذا المسار: ” ولعل ما يحصل من خلط بين الكتابة التي تنتج رواية ما بعد التأريخ ، والكتابة التي تشتغل على التأريخ وهذا يرجع الى ما تؤكده رواية ما بعد التاريخ ، ليستثمر مخطوطا او حدثا تأريخيا مشتغلا على المبنى لا المحتوى ..”
ومن هنا ايضا ، ينطلق الناقد فاضل ثامر في مستهل نقده هذا لكل عمل روائي من اعمال الروائيين العراقيين والعرب الذين تناولهم كتابه الموسوم ” التأريخي والسردي في الرواية العربية .” وبعرض تفصيلي مُسهب ، ومن ثم يشرع بالعملية النقدية التفكيكية لكل عمل سردي ، أو روائي ، من هذه الأعمال. ونحن إذ ننطلق من هنا ، في مقالنا هذا كما اسلفنا، لنؤكد ، أنّ منطلقات كلام الناقد فاضل ثامر، يشكل تجربة ؛ لا بل ثوابت في مسيرته النقدية الطويلة هذه : في مجال التناول النقدي للعمل الروائي العراقي والعربي بخاصة، حيث تناول أعمالا سردية كبرى في النقد التحليلي ، مع مسيرة تأريخانية ، لهذه السرديات الكبرى ، والصغرى منها .. ويبدو لي أنه في كتابه هذا ، يختزل تجربته النقدية للسرديات الروائية في عملية مسح تام لمعظم الروايات العربية ، التي تناولت مادة ما بعد التأريخ ، بوصفها مادة ابداعية .
وهنا ، يعني أنًّ تناول السارد ، لثيمات ستراتجية ضمّنها السرد الروائي ، عرضا ونقدا وتفكيكا وتحليلا ، على وفق منهجه أومفهومه لما بعد السرد ، كان كما يبدو ، أنه ملّم بكل الأعمال التي تناولها العمل الإبداعي ، وما رافقها من نقد سردي ما بعد حداثي، تضمنتها أعمالا ستراتيجية ذات ابعاد تأريخانية وكرونولوجية واجتماعية وسياسية وجمالية الخ . وهو بهذا ، لا يعني أنه يعرض لهذه السرديات حسب، بل إنه يتناولها نقدا وتحليلا وتفكيكا لأبعادها الستراتيجية والتأريخية كما ذكرنا اعلاه .
وإذ يبدأ الناقد ، ثيمة تناوله السرد الروائي – الإبداعي بالعرض المُسهَب ، ومن ثمة يُطعّمه ، بشذرات من نقده ، فضلا عن تواصله في السرد الروائي ؛ وهي طريقة تجعل المتلقي ينشدّ الى قراءته الإبداعية ، ومن ثم ؛ وفي الغالب ، يقوم بالعملية النقدية التفكيكية ، لكل عمل سردي روائي تأريخاني – من الاعمل التي ضمها هذا السِفر الروائي : وبهذا يشد المتلقي في الإستمرار لمتابعة قراءته .
لا شك أنَّ الناقد المبدع ثامر هنا، هو ناقد ما بعد حداثي ، ملأ الساحة الأدبية العراقية منها والعربية ، في مقالاته وفي سردياته النقدية بهذا الشأن ، وبتوجه حداثي ، وما بعد حداثي صرف، وما من شاردة أو واردة ؛ إلا وتناولها في المجال الروائي الإبداعي، وعلى وفق توجهات منهجه النقدي، إلما بعد حداثي ، وغيره من الأعمال الأدبية ، نقدا وعرضا وتفكيكا وتحليلا ؛ وهو بهذا ، يتّبع في هذه الأعمال الإبداعية العراقية والعربية منها ، إسلوبا تفكيكيا كما أرى . وأحيانا ، نراه يُسهب كثيرا ، في عرض العمل الأدبي ، بيد أنًّ هذا العرض منهجي لا يبعث إطلاقا على الملل لدى المتلقى ؛ إنما العكس هو الصحيح ، إذ يبحر مع قارب الناقد المبدع في تناوله للأعمال الإبداعية الروائية العراقية والعربية منها ..
وهو بهذا ، يتناول أعمالا روائية إبداعية ، ثيمتها التأريخ الحديث الصرف ؛ بيد أنها تُعّد أعمالا ما بعد حداثية ، او بمعنى آخر تأريخانية.. وهو متمرس كما أرى في هذا الصنف من الأعمال الروائية الإبداعية، ولهذا ، فهو يمزج بين هاتين الثيمتين تأريخيا وابداعيا ، ولهذا ايضا ، فهو يمزج بين تينك الثيمتين ، ويقدمهما باقة ابداعية للمتلقي ..
وأرى هنا ايضا، أنه يقرأ الرواية التأريخية لكتّاب معنيين بها بوصفها عملا تأريخيا تأويليا صرفا ؛ ومن هنا ، كما يبدو يشرع في ثيمة عرض العمل الروائي ، وبخاصة الأعمال الروائية التي تتعامل مع ثيمة التأريخ الحديث وإفرازاته ، وهذا لا يعني أنّ العمل الروائي الحداثي ، وما بعد الحداثي الذي يتعامل معه الناقد فاضل ثامر ، هوعمل روائي ابداعي ثيمته التأريخ الصرف . بمعنى آخر أنه يستخدم مادة التأريخ الحديث حصريا ؛ وهذا لا يعني ، أن الرواية الحداثية رواية تأريخية صرف ؛ إنما يستخدمها ، أو يتعامل معها بوصفها عملية تفكيكية تأريخانية ؛ إن صح التعبير ، ابداعية لأحداث التأريخ ، وافرازاته في عصرنا هذا .
وقد تناول الناقد فاضل ثامر في مدونته هذه ، قضية شائكة في العمل الروائي الحداثي ، وبالذات ذلك الأدب الروائي الذي أخذ يمتد مضيئا فيما يُسمى أو ما يُطلق عليه أدب ما بعد الحداثي الذي ثيمته سيمياء الأدب ما بعد الحديث ، والذي سمته التأريخ – الحاضر ، ومن ثم يصوغ منه السارد الناقد عمله الجديد على وفق هذا المنهج التأريخاني إلما بعد حداثي ، الذي يتكون من متنين ونصين ، تأريخي صرف وسردي ابداعي ، ماضي وحاضر، بمعنى آخر، أنًّ الماضي يضيء الحاضر ؛ وأنًّ الحاضر يستلهم إمثولة من خلال عملية تحبيك متقنة .
ولعل ما يحصل من خلط في الكتابة التي تنتج مسلك رواية ما بعد التأريخ ، او بمعنى آخر ، رواية تأريخانية ؛ راجع الى كون هذه الرواية ؛ رواية ما بعد التأريخ ، إنها بمعنى آخر تستثمر أوتشتغل على ثيمة ما بعد التأريخ الذي يستثمر هوالآخرمخطوطا أوحدثا تأريخيا مشتغلا على المبنى لا المحتوى .
وكان السائد قبل السرد الروائي المحض لنصوص التأريخ، تأريخ الملوك والسلاطين والفقراء والعبيد ؛ كنا نقرأ قصصا تأريخية لرجال وابطال أو أحداث تأريخية شهيرة، دون سرد فني وجمالي ، يركز على تناول ثيمة ما يسمى ما بعد التأريخ ، ولم ندرك حينها زبد هذه الاعمال السردية في العمل الروائي المعاصر الصرف ، حتى برزت هذه الموجة ، موجة او توجه السرد ما بعد التأريخي التي احد اقطابها الناقد الكبير فاضل ثامر، لتربط الحاضر بالماضي ، والعكس صحيح ، الا بعد فترة في مستهل الستينيات حيث ظهرت بوادر ما يسمى رواية ما بعد التاريخ الذي هو مزيجا روائيا ؛ من حيث ظهرت ثيمات التفاعل بين العمل الروائي والتاريخ ، وتحوّل الى ما يطلق عليه عملا روائيا – تأريخانيا ..
وكان همّ الناقد والباحث الإبداعي فاضل ثامر، هو البحث الحثيت الدائم ، ونبش ما وراء التأريخ من خلال قراءاته لمعظم الروايات العراقية ، والروايات العربية حتى؛ لإثبات ما يريد أن يقوله عن مفهوم الميتا – سرد meta – narration ، الذي تناولته الرواية العراقية وصنوها العربية ، وبالتالي ليقدّم لنا ما قامت به الرواية العراقية والعربية على حد سواء لاثبات صحة تناول هذه الثيمة في السرد العربي الحداثي.ويبدو لي ، ومن خلال سرده هذا ؛ أنه ملّم بهذه العملية السردية ، ويبدو أنه قد احاط بها من الفها الى يائها ، فهو هنا ، كما أزعم انه ، يُعدّ عميد النقد الروائي ما بعد حداثي ، وعلى وفق بعض ما قرأت عن قيامه بمسح عام للرواية العربية ..
وفي تناوله للبنية السردية الإطارية في الف ليلة وليلة ، نلحظ أنه يمتلك إسلوبا أدبيا رشيقا، بعيدا عن التناول الأكاديمي ، ويشعر المتلقي أنه ازاء عمل روائي ابداعي رغم إنه كان قد درس الأدب ، دراسة أكاديمية ، بيد أنه كما يبدو ؛ قد تحرر تماما من هذه الصفة الأكاديمية ، ولذا نرى أنه يختلف تماما عن الكثير من زملائه أصحاب الشهادات الأكاديمية ، والذين إن قرأت لأحدهم عملا أكاديميا حتى تشعر بالملل ، أو تضع ما تقرأه وترمي الكتاب جانبا ، وبعكس ما نراه او نقرأه لدى فاضل ثامر ، فإنك تنجذب باسلوبه الرشيق ، وما يضخ لك من معلومات تأريخية وابداعية وانت مستمر في قراءتك هذه .
ويبدو ، ومن خلل هذا السرد المسهب الذي أجرى عليه فاضل ثامرعملية مسح تامة ، للأعمال الروائية في العراق ، ومعظم الدول العربية ؛ أقول ، يبدو لنا أن هذا الجهد في المسح العام للأعمال الإبداعية ، يدل على همّة الناقد فاضل ثامر في تناول الأعمال الروائية الإبداعية العربية اجمالا، ليقدّمها للمتلقي العراقي ، وقرّاء الوطن العربي ، وإنْ رسونا على تقييم ما قد كتبه الناقد فاضل ، بعد أن أجرى مسحا عاما للسرديات العراقية والعربية ، فضلا عن النقود الإبداعية الأخرى ؛ فإنه بذلك ، يحتاج الى زمن طويل ، وربما سنين طويلة ايضا ، ليقوم بمسح لمثل هذه الاعمال السردية ليقدمها لنا ، باقة إبداعية متميزة في كتابه هذا ، التأريخي والسردي في الرواية العربية ، وربما في كتبه الأخرى ..
لذا ، فإنًّ هذا العمل ، اذا لم اكن مبالغا يُعدّ مشروعا أدبيا إبداعيا، وثقافيا ، يضعه الناقد ، بين أيادي القراء المتخصصين والقراء عامة ؛ أو بالأحرى ، يُعد مصدرا ، ومرجِعا للناقد العراقي والعربي ، وليضعه ايضا تحت إستخدام ما يراد منه لتناول أيّ عمل إبداعي .. وهنا ، نجده جاهزا إنْ أردنا أن نقرأ تأريخ النقد العربي الإبداعي ، وبخاصة العمل ما بعد الروائي او السردي ، الذي تناوله الناقد فاضل ثامر ، ليكون جاهزا أمامنا كعمل ثقافي ونقدي ابداعي تناول ثيمة ما بعد التأريخ.
وهنا ، لا بد أن أشير الى أنّ فاضل ثامر يمتلك ، إسلوبا أدبيا ماتعا ، ورشيقا ، بعيدا عن التناول الأكاديمي ، ويشعر القارئ انه ازاء عمل روائي ابداعي ، رغم إن دراسته كانت اكاديمية فعلا؛ بيد انه يختلف تماما عن كثيرين ، من اصحاب بعض الشهادات الاكاديمية الذين إنْ قرأت لهم عملا اكاديميا فإنك سرعان ما يغلبه النعاس وتضع الكتاب جانبا . وارى هنا ، ان ثقافة الناقد فاضل ثامر للاداب الاجنبية بحكم تخصصه في اللغة الانجليزية مكنته من الاطلاع على كثير من الاعمال الابداعية وبخاصة الروائية منها . ما حدى بتوجهاته نحو ثيمة اواصطلاح ما يطلق عليه السرود التأريخانية التي سادت الساحة الروائية العراقية والعربية ، وبخاصة ، الأعمال الابداعية . وقد تناول بهذا لاتجاه الاعمال الابداعية الكبرى منها والصغرى ، وبخاصة السرد التخييلي .والكتابة عن ناقد تمرس في النقد العراقي والعربي ، وما يمتلك من تنظير ، أو من تناول حداثي أو ما بعد حداثي للأعمال الإبداعية ، فضلا عن ثيمة النقد الإبداعي مثل فاضل ثامر ، فإنًّ المُتناول في الكتابة عنه من نقاد وقرّاء لا بد وأنْ يكون متأنيّا جدا ، لما يملكه هذا الناقد من عمق تناول سردي ، ومن باع طويل في المجال النقدي العراقي والعربي ، وهذا تخصصه ، وما يملكه من خبرات ورصيد وظفهما من اجل تناول العمل الروائي والقصصي على مسافات عمره الطويل لما يكتنزه من خبرة في المجال الابداعي وما بعد الابداعي..
وثمة انتباهة هامة للناقد فاضل ثامر حين يؤكد : “إن المسرد الروائي يغدو دائما مسرودا مرويا ، ينعكس فيه المسرود الجديد ، ليجد فيه صورته الخاصة ، ففي كل مسرودة تستولد مسرودا جديدا “. وهذا يعني إستيلاد مسرود جديد ، وهذا يعني ايضا توالي مسرودات ؛ بمعنى آخر ، أن النص الإبداعي يستولد نصه الابداعي إياه .. وهذا ما يُطلق عليه توالي عملية الإستيلاد ..
واهتمام فاضل ثامر بهذا التوجه التأريخاني ، في الأعمال الروائية ، ربما قد تأثر بكتّاب هذا النوع ومنتجيه ، من التوجه الى كتّاب الغرب وأميريكا ، وهذا ما منحه أنْ يكون ناقدا لمثل هذ النوع من العمل الإبداعي الإجناسي ، وبخاصة الرواية العربية الإجناسية. وهو هنا ، يفكّك العمل الروائي من جانب آخر ؛ منطلقا من ثقافته المتأثرة بكتّاب الغرب عموما . وهو هنا ايضا، كي يسرد عملا سرديا ؛ فإنه بهذا يدخل في أدق تفاصيل العمل البداعي ، فيستهجن عملية الوصف ؛ بديلا للابداع وبخاصة ، قيامه بتناول عملية الميتا – سرد، في العمل النقدي الابداعي ..
ومسك ختامنا هذا نتوّجه في قول الناقد فاضل ثامر في ادناه في تدوين بعض الساردين الروائيين الذين ضمهم كتابه ” التأريخي والسردي في الرواية العربية ” : وهذا ما اغنانا عن تناول اسماء هؤلاء الساردين العراقيين والعرب :
ومما حرصتُ عليه في كتابي الحالي ، الى جانب انشغالات عديدة ومتنوعة ان أفحص ـ فضلاً عن معاينات سردية اخرى ـ بتأمل اشتغال الروائي العربي على فحص لحظة معينة من التاريخ العربي – الإسلامي في الأندلس تلك هي لحظة سقوط غرناطة والتي تجسدت في عدد من الروايات العربية المهمة منها ” ثلاثية غرناطة ” للروائية رضوى عاشور و “ليون الإفريقي ” للروائي أمين معلوف و “مخيم المواركة ” للروائي جابر خليفة جابر و “البيت الأندلسي ” للروائي واسيني الأعرج و”رحلة الغرناطي “للروائي ربيع جابر.ويمكن القول إن هذه الروايات انما تحقق بطريقة او باخرى خلق هوية سردية وطنية او قومية او انسانية بمفهوم بول ريكور والتي تعني قيام السرد بتجميد حركة الزمن لاقتناص لحظة معينة لخلق هوية سردية لشخصية انسانية معينة . وقد تكون هذه الهوية فردية او تدل على مجموعات بشرية من الناس أو أمة بكاملها كما يمكن ان نرحل ذلك الى خلق البنية السردية للمكان او للمدينة او للحضارة أو لقارة بكاملها.