18 ديسمبر، 2024 8:06 م

فوق الطاولة أنا مسلم وتحتها أنا سكير!!

فوق الطاولة أنا مسلم وتحتها أنا سكير!!

في القرن الماضي كان لي صديق , وكان عائدا من مهمة في دول أروبا الشرقية إستمرت لعامين , وإلتقينا في صلاة الجمعة , وأصر أن يأخذني معه إلى بيته بعد الصلاة لنتناول الغداء معا , وإستجيت وذهبت إلى منزله , وكان المنزل جميلا وقد جلب أثاثه من البلد الذي كان يعمل فيه.
وفاجأني بأنه قدم لي كأسا من الخمر!!
وإحترت كيف أستجيب له , وهو يردد هكذا الدنيا تعيش ونحن في بعدٍ عن الناس , وراح يشرح لي عادات وتقاليد المجتمع الغربي الذي كان فيه , وقد تمثل الكثير من عاداته , وما إكترث لعاداتنا , وفي إضطرابي وترددي وإعتذاري وتعللي بأنني لا أستطيع شرب الخمر لأسباب مِعَدية , وغيرها , لأن الخوض معه في موضوع أننا لتونا قد أنهينا صلاة الجمعة لا ينفع ولا يفيد.
شرب صديقي قدح الخمر وأكلنا معا , وهو يحسب أني من المتخلفين!!
تذكرت هذه الواقعة ونحن في زماننا المؤديَن والفساد عميم , والدين قول والفعل بالدين عديم , وكل يدّعي الدين وعندما تنظر إلى أعماله تجدها من صنع شيطان رجيم!!
في حينها رحت أفكر لماذا صديقي لم يأتيني من معايشته لمجتمع آخر إلا بهذه الشكليات , ولم أسمع منه ما هو جوهري ومعرفي وفكري ذي قيمة تنويرية , فقط شراب ونساء ومغامرات وقبلات وتفاعلات عاطفية فارغة , لا تشير إلى إعمال عقل بل إثارة نفس ورغبات وعواطف مكبوتة.
وتكررت ذات الإنطباعات كلما إلتقيت بصديق عائد من مجتمع غربي أمضى فيه شهورا أو أكثر , وعجزت عن تفسير الحالة.
كما أعجز عن تفسير ما يدور من تناقض مروع بين زيادة عدد المعممين , والملتحين والأحزاب والجماعات المؤدينة في بعض مجتمعاتنا , وتنامي الفساد وموت الضمير وإنعدام الأخلاق , لكني أبقى أتساءل: كيف نعود إلى مفهوم الدين العمل ونترجمه بأفعالنا لا بأقوالنا المخادعة؟!!
د-صادق السامرائي