لطالما كانت فنزويلا عرضة للتهديدات الامريكية بسبب كفاحها الثوري الطويل من جهة ومخزونها النفطي الهائل من جهة اخرى فهذه الدولة الواقعة على الساحل الشمالي لقارة امريكا الجنوبية تعاني مشاكل اقتصادية لا حصر لها بسبب السياسات الخاطئة التي تنتهجها شركات النفط وهذا ما أدى الى حدوث شرخ بين طبقات الشعب فالخطب والشعارات الثورية اتخذت جوانب عدة منها تتصدر على حائط الحكومة ومنها ما يخترق صخب الشارع من قبل المعارضة حيث تحول المشهد الى عبث وفوضى وفي خضم هذه الاحداث المتوترة التي تعيشها جوهرة اليسار اللاتينية يصدح من الافق ضجيج الولايات المتحدة الامريكية التي اتخذت من سياسة التهديد والوعيد نهجا لها فتارة تراهن بقوتها العسكرية ضد العملاق الاحمر الكوري الشمالي هكذا كانت البداية والنهاية كانت ردا حاسما من حارس البوابة الحمراء كيم جونغ أون بأطلاقه المزيد من الصواريخ العابرة للقارات وهذا ما أدى في نهاية المطاف الى الغاء هذه المراهنة الخاسرة والتي ان بدأت فستحرق كوكب الأرض بالحديد والنار لكن بدأت قضية اخرى تلوح في الأفق الا وهي التدخل في شؤون فنزويلا الدولة التي تملك سيادة وكيانا شعبيا ثوريا وان دل هذا على شيء فهو دليل واضح وقوي على ان الولايات المتحدة تكشف عن طموحاتها وتطلعاتها الخفية بشكل معلن ولأول مرة في التأريخ في السيطرة على معظم ارجاء العالم وان حدث هذا فعليا في الواقع لكن المشهد الحالي لم يلبث وان تحول الى توسعي بشكل مفرط بلا اي حدود وحواجز …..
لذا فأن الخطأ الامريكي يتجسد في نمطية الموقف ومرونة الحدث وسيولة الهدف وهذا لن يحدث مطلقا لا اليوم ولا بعد الف قرن فهنالك دول ترفض العبودية والرضوخ لهيمنتها ككوريا الشمالية وفنزويلا بالمقابل هنالك دول تتفق مع سياساتها كونها تعيد الاستقرار والأمن والأمان للمنطقة كما حدث في عراق البعث الفاشي وافغانستان طالبان وحربها ضد تنظيم داعش الظلامي بصفتها جامعة لكل شرفاء واحرار ونبلاء العالم للدفاع عن قيمة الانسانية وشموخ مرحلتها المعاصرة لكن التدخل في شؤون دول اخرى ليست متهمة على لائحة الارهاب ولا تشكل خطرا للحمة العالم بصفته الانسانية ولا لكونها تنافس موقعها الجيوسياسي فهذا يعني ان لها اغراض واهداف اخرى هنا يتخذ العنوان مقاييس مختلفة بحاجة الى رصدها بمنطق العقل وليس القوة …..
فالتأريخ يسرد ملحمة الشعب الفنزويلي في نيل الحرية وسيمون بوليفار خير الامثلة كبداية لتصفح عراقة الشعوب اللاتينية بضمنها فنزويلا لذا من الطبيعي ان تتجسد روح البوليفارية في قلوب وعقول الفنزويليين الذين استشعروا العداء من الولايات المتحدة ونزلوا الى الشارع تلبية لنداء الواجب والوطن بعد صدور عدة تصريحات بالتدخل العسكري في عمق اراضيها فرفاق كوبا الديكتاتور باتيستا يعرفون انهم يراهنون على الحصان الخاسر من جديد فالشعوب اللاتينية معروفة بشراستها وتمردها وتعصبها لمواقفها ولمبادئها اليسارية والاشتراكية والماركسية والتي استوحتها من نضال وكفاح الثائر العالمي والقائد التقدمي الطليعي اللاتيني ارنيستو تشي جيفارا لهذه الاسباب تكون الولايات المتحدة قاب قوسين من صراع دموي شاق وعنيف مشابه لهزيمتها في فيتنام فدورها القيادي يتمحور حول الدفاع عن الانسانية من براثن الارهاب وفي اي بقعة من الارض وبهذا تكون قد رسمت طريقا امنا لمسيرة الشعوب المضطهدة والمظلومة الباحثة عن الحرية من اغلال الارهاب وأي شيء اخر خارج عن ماهيته فليس لها الحق التدخل فيه فالتأريخ يسرد صمود ونضال اليسار العالمي في الذود عن حرية وكرامة الانسان منذ القرن المنصرم ففنزويلا قوية ومثابرة ومكافحة بنهجها اليساري الحر وهي قادرة على حل مشاكلها رغم الصعوبات الكبيرة فمرحلتها الثورية لم تزل وهاجة منذ عهد بوليفار وصولا الى عهد المناضل اليساري العالمي هوغو تشافيز ونهاية بموقعة نيكولاس مادورو رئيس فنزويلا الحالي وزعيم الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا الذي يعتبر من اكبر التيارات اليسارية في امريكا اللاتينية حيث يضم الملايين تحت لوائه …..
ففنزويلا هي الوجه الاخر لكوبا الجبل الاحمر فيدل كاسترو والزعيم الأممي الخالد تشي جيفارا .