26 نوفمبر، 2024 8:25 م
Search
Close this search box.

فلذات أكبادهم و أكبادنا !

فلذات أكبادهم و أكبادنا !

لم يعد هناك من يوصف يليق بطوابير الأحياء الأموات في العراق غير تجاوز السياسيين لحدود الله في خلقه، فقولبهم لم تتعود الوجل على الأبرياء و عيونهم تذرف الدموع على المصالح و المناصب لا على ذبح الوطن و أهله، لذلك لم يشاركوا في تشييع الأبرياء و لم يحضروا سرادق العزاء بل اشاعوا سياسية تفجيرها لقطع أواصر الترابط الاجتماعي، التي تقض عليهم المضاجع طالما لم تستعجل الحرب الأهلية.
لقد أصابتني قشعريرة و لم أحبس الدموع عند قراءة خبر يقول ان ” أم حسن فقدت ابنائها السبعة في أقل من ساعة”، بينما لم تتداولها ألسن السياسيين لأنها مشغولة بالتسقيط و الفتن و اطلاق العنان للتخويف من المجهول، و فاجعة أم حسن ليست الوحيدة لكنها الأشد وطأة و مآساوية، و مع ذلك لم ينحني رئيس الوزراء أمام كبريائها، و لم يقبل جبينها رئيس مجلس النواب أو غيرهما من دعاة احترام حقوق الانسان و السهر على راحة المواطن تلفزيونيا!!
يعني أن تترجل فلذات قلوب العراقيين تباعا فتلك مرتبطة بالقضاء و القدر من وجهة نظر السياسيين، و أن تتوشح بغداد بالسواد مع باقي المحافظات فهي نتيجة الارهاب الذي حذروا منه و لم يعالجوه بمهنية، و أن تذبح الأخوة بدراهم سياسية فذلك من الشطط المدروس، و أن تتفجر العبوات بعد فرض حظر التجوال فهو خرق أمني، وقائمة الفشل و التبريرات تطول كثيرا، حتى تصل استيراد أدوية تشارك في قتل المواطن لا علاجه!!
بالمقابل ماذا سيقول السياسي العراقي و كيف ستكون ردة فعله اذا استهدف الارهاب عائلته  الصغيرة و أصابه بمقتل عزيز، هل سيحمدون الله على قبول ” القضاء و القدر ” أم سيحرقون الأرض لملاحقة الارهابيين و من معهم، لا ندري لكن الصحيح أنهم سيولولون عكس الطريقة التي يتعاملون بها مع قوائم الضحايا من الأبرياء العراقيين.
ولكي يكون في علم  اصحاب مقامات الأسيجة الكونكريتية و المصفحات، فأن  الثكالى العراقيات اللائي يتحسرن على فلذات قلوبهن صباح مساء  يرفعن الأيادي للدعاء على المسؤولين وعلى عوائلهم كي يجربوا ” حرقة قلوب” أولياء الأمور و العوائل البعيدة عن بطانة السلطة و المال و النفوذ الرقمي، و لأن دعوة المظلوم مستجابة فان السياسيين في العراق مطالبون بصحوة ضمير عاجلة، لأن الذبح الطائفي سلاح لتحقيق غايات و التهجير مرض انتخابي و قتل الناس على الهوية انتقام سلاطين في غير زمانه و لامكانه، كما أن عدم لجم ” ثلة الدراهم” تعني اشاعة الفاحشة بين صفوف العراقيين، وهي قضية مخالفة لما تختزنه العمائم و البنطالات و رباط العنق غير العراقية!!
لا يهمنا الثمن الذي سيدفعه السياسي في الأخرة فتلك قضية بين العبد و ربه، مثلما هو الايمان و ممارسة الشعائر، التي لا يجوز فرضها ببيان حزبي أو فتوى سياسية، انها قضية قناعة لا يزكي فيها الأنفس الا الله، لكن في المقابل فان محاسبة السياسي على أخطائه و سلوكياته العاثرة هي مسؤولية شعب و حق وطن، لأن المواطن يدفع ثمنها ليل نهار عبر مفخخات و عبوات و انتحاريين و سكوت رسمي يشبه المشاركة في الجرم، خاصة عندما يعرف صاحب القرار عناصر القتل و يسكت عليهم لمجاملات حزبية و سلطة قرار تتعكز على الفشل، لذلك لم يعد السكوت على السياسيين فضيلة أو حسن تقدير، خاصة وأنهم  يعدونه خوفا و هوان، و الفرق بين المواطنة و العمالة هي الفاصل بين الخير و الشر.. و بالله المستعان.
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]

أحدث المقالات