فقه الفضاء وهو رسالة عملية تحدد الاحكام الشرعية في الفضاء والمركبات الفضائية والكواكب والأجرام السماوية متعرضاً فيه لكل كتب الفقه من إجتهاد وتقليد وطهارة وصلاة وتحديد القبلة وصوم….الخ فهو يشمل العبادات والمعاملات ويمثل فقه الفضاء صرخة في الفقه الاسلامي عامة والفقه الشيعي الإمامي خاصة.. ومن المعلوم لدى أهل العلم إن الفقه الاسلامي لم يقدم لحد الان الاحكام الشرعية التي تبين أحكام الفضاء وهي تمثل تحدي حقيقي للفقه الاسلامي بمختلف مذاهبه بما فيهم المذهب الجعفري الذي يتميز عن غيره من المذاهب بكثرة الفقهاء المجتهدين ومع ذلك لم يتصد أحد من كبار المحققين والمجتهدين لبيان فقه الفضاء بالرغم من غزارة علمهم وبالرغم من إهتمامهم بالفقه الإستدلالي وحيث أن فوق كل ذي علم عليم فقد تصدى السيد محمد الصدر (قدس) في الثمانينات الى هذه الرسالة العملية الفريدة النادرة وقد طبع هذا الكتاب لأول مرة سنة 1990 وقد أهدى السيد محمد الصدر (قدس) نسخة منه للمحقق الخوئي عندما زاره في المستشفى وبالرغم من مرض السيد الخوئي (قدس) الشديد فقد قرأه ملياً أثناء الزيارة ولم يناقش وهذا بحد ذاته شهادة على الاقل بالاجتهاد فضلا عن ألأعلمية.. وهذه الحادثة يرويها السيد محمد الصدر (قدس) في احد اللقاءات الصوتية التي أجراها الشيخ البهادلي حيث قال ما مضمونه (إنني عندما زرت السيد الخوئي(قدس) في المستشفى أهديته نسخه من كتاب فقه الفضاء فقراه السيد الخوئي ملياً ولم يناقش)وتعليقاً على هذه القصة إن السيد الخوئي(قدس) وبالرغم من المرض قرأ الكتاب ملياً لأنه يستحق القراءة حتى لو كان الانسان يعاني من مرض الموت مع أنه لو لم يقرأ الكتاب لكان معذورا بسبب المرض ولكنه قرأه ملياً لأهميته ومع ذلك لم يناقش وهذه المفردة(يناقش) في عرف الحوزة تستعمل في حال وجود إشكال أو تفنيد رأي وهذا بحد ذاته إقرار بالإجتهاد وشهادة ضمنية به لأن عدم المناقشة دليل على الاعلمية لأن فقه الفضاء هو رسالة عملية مرتبة كترتيب الرسائل العملية حيث يقسمونها الى كتب ككتاب التقليد والاجتهاد وكتاب الطهارة وكتاب الصلاة….الخ ومن المعلوم أن الفقهاء لا يتفقون في كل كتاب بل نجد ان في كل كتاب فقهي يوجد مجموعة من المسائل الخلافية والسيد الخوئي(قدس) قرأ الكتاب مليّاً بالرغم من مرضه وحتى لو كانت له مناقشة فيكفيه ان يشير إليها إجمالا دون الخوض في التفاصيل يعني يقول انه توجد لدي مناقشة فقط إلا أنه (قدس الله سره) لم يناقش وهذا يؤكّد اجتهاد وأعلمية السيد محمد الصدر(قدس) على حد سواء كما لا يخفى على كل منصف ولبيب…
ولا بد ان نسأل انفسنا لماذا استطاع السيد محمد الصدر (قدس) وعجز غيره من فقهاء المسلمين سنة وشيعة عن بيان الاحكام الفقهية المرتبطة بالفضاء؟
والجواب باختصار أعلمية السيد محمد الصدر في الفقه والاصول هي التي مكنته من ذلك دون غيره وقد ذكرت في بحث السيد محمد الصدر (قدس) أعلم في الفقه والاصول الأسباب التي جعلته (قدس) يتفرد في فقه المستحدثات فبعض هذه الأسباب يكمن في العلوم المرتبطة بهذين العلمين (أعني الفقه والاصول) كالفيزياء والكيمياء والفلك والاحياء والطب والرياضيات والفلسفة والعرفان والقانون وعلم الاجتماع….الخ.
ويمكن أن يطبق نفس الكلام الذي ذكرناه بحق كتاب فقه الفضاء على الكتب الفقهية التي تندرج تحت عنوان فقه المستحدثات كفقه الطب والموضوعات الحديثة والدائرتين القطبيتين…الخ.