22 ديسمبر، 2024 7:00 م

الخطاب السائد على المنابر وفي وسائل الإعلام , وحتى في المواقع والصحف وما تجود به الأقلام , يمكن تلخيصه بغياب حب الحياة وحضور حب الموت.
الخطاب الديني موتي!!
الخطاب السياسي مفعم بالموت!!
الخطاب الإعلامي مميت!!
الأقلام تكتب بمداد التكريه بالحياة وتحبيب الموت!!
ومنبع هذا الإقتراب هو الخطاب الديني أو الفهم المنحرف للدين , الذي يعلمنا ومنذ الطفولة , أن لا جدوى من الدنيا وأنها فانية , وأننا لن نأخذ شيئا معنا , وجئناها نصرخ وبأيادي مقبوضة وسنغادرها بصمت وبأيادي مبسوطة , وما نقوم به محض هراء وسذاجة وجهل , فلا معنى للحياة والمعنى كله للموت , لأن بعده حياة أخرى باقية أبدية فيها متع ما بعدها متع , وسيجلس البشر في جناتها لا يقوم بعمل سوى التلذذ بالأطياب والإنغماس بالملذات.
هذا هو الخطاب التخديري التعجيزي التنويمي التحنيطي التقنيطي التمويتي التخميدي التنكيدي والتدميري , هو الذي يفعل فعله في الواقع العربي والمجتمعات المسلمة , وبموجبه يفقد العمل قيمته وكذلك الجد والإجتهاد والإبداع والإبتكار والإختراع , وكل نشاط يساهم في بناء الحياة وتعزيز قيمة الدنيا والإنطلاق السعيد في آفاقها.
وكأن الغاية من الخطاب القول بتحريم الحياة وتحليل الموت , فنحن جئنا إلى الدنيا دون خيارنا , وأنها عبئ علينا , وبدننا ضدنا وفيه من المحرمات ما يجعلنا في صراع معه وإندفاع للتخلص منه.
فالحياة لا تستحق العيش , والخلاص والنجاة في الموت , أي أن الموت يصبح قيمة نبيلة سامية , والحياة قيمة دونية وحقيرة , لأنها موطن الويلات والتداعيات والإستلابات والخرابات والعناءات العاصفة في البشر , الذي إن تمتع بشيئ منها شعر بالذنب الشديد.
وبهذا فأن الخطاب المتكرر والمهيمن على وسائل الإعلام عبارة عن تذكير متواصل بالموت , وتحقير للحياة والحط من قيمتها وأهميتها ومعناها , ويتحقق ترجمته بسلوكيات معبرة عنه , وفي هذا جوهر مأساة ومنبع ويلات متعاظمة.
فقل تبا للحياة ومرحى للموت , فهو طوق نجاتنا ومطيتنا إلى جنات النعيم الخالدة!!
ترى هل هذا هو الدين المبين؟!!