منذ أن وعينا وإسطوانة أن مجتمعاتنا لن تتعافى وتتطور لأنها متعددة الأعراق والديانات , ومضى بتدوير هذه الأسطوانة معظم الكتاب والفلاسفة والمفكرين , وما تعبوا منها وإستفاقوا من غشاوتها وأوهامها , وكأنهم لا يرون مجتمعات الدنيا تحتشد بالتنوعات والإختلافات.
ويغضون أبصارهم عن الدول الغربية التي درسوا فيها , وكيف أنها تستوعب ديانات الدنيا وأعراقها!!
وعندما يبحثون الموضوع يجتهدون بالترسيخ والتعضيل واليأس والقنوط ويحسبون ذلك فكرا وفلسفة , وما هو إلا تبريرات شوهاء لا تصمد أمام إرادة الزمان والإنسان.
وحينما تواجههم بالأمر يصابون بجروح نرجسية ويهبّون بإنفعالية فائقة , وكأنكَ زعزعتَ كيان وجودهم ومعيار كرامتهم.
ونقرأ كتبهم ومشاريعهم المتصورة وفقا لرؤاهم , وما هي إلا كتابات نائمة في أحضان أغلفة الكتب , ولا تمت بصلة عملية للواقع الذي من المفروض أن تتصدى لمشكلاته وتحدياته , وتطرح الخيارات الكفيلة بحركته للأمام.
والمشكلة أن الغرق في ظلمات لماذا هو السائد , فأكثر الكتابات تدور حول محاور لماذا تأخرنا ولماذا إنهزمنا , ولماذا ولماذا , ولن تجد إلا فيما قل وندر مَن يتساءل كيف نتقدم وكيف ننتصر وكيف وكيف.
وصارت ذريعة تعدد الأعراق والديانات من المسلمات المهيمنة على الرؤى والتقديرات والإستنتاجات , وكأنهم يفسرون الماء بعد الجهد بالماء.
ولا يمكن بخس رغباتهم الصادقة وجهودهم الكبيرة ومشاريعهم المدروسة , لكنهم إتخذوا من المتاهات مسارات لهم , فما وصلوا إلى هدف ولا أنجزوا ما يساهم في دفع الأجيال إلى مستقبل أفضل , وضخهم برؤية ذات قيمة حضارية.
قد يحسب البعض أن ما تقدم إعتداء على ما لا يجوز الإقتراب منه , ووجوب الإنبهار به , والتغني بطروحاته الخالية من الأصداء العملية , غير أن المسيرة التي مضت بعقودها المنهكة تشير إلى ما تقدم وتؤكده , فالأمة وصلت بها الأحوال إلى ما هي عليه اليوم , وفيها مفكرون وفلاسفة وكتّاب , ولا يمكنهم النجاة من اللوم!!
فهل يحتاج النهار إلى دليل؟!!