22 ديسمبر، 2024 1:04 م

فاجعة الحسين تتجدد في احفاده

فاجعة الحسين تتجدد في احفاده

عاشوراء العراق لا تنتهي مواجعها ، لان قتلة اهله معلومون لدى الجميع ، بشخوصهم وبعلاماتهم الفارقة التي يتميزون بها عن بقية خلق الله ، لان ورثة قتلت الحسين مازالوا احياء فينا ، من حيث القتل والمكر والدجل الذي يمارسونه كل يوم، بل ان هؤلاء الورثة اشد قهرا وظلما وسفكا للدماء من ابائهم واجدادهم في عراق اليوم الذي يشهد اعدام وطن وشعب في ان واحد ، نتيجة الانقسام المجتمعي وافراغ البلد من طاقاته وهدر ثرواته وتحطيم بناه التحتية وخراب مدنه وتشتيت اهله بين اقصاع الارض على يد ساسته ، واذا كانت موقعة الطف شهدت مقتل سبط اشرف خلق الله ، فان ابناء قاتليه واحفادهم جعلوا من ارض العراق كلها مواقع ” طف وكربـــــــــــــــــــلاء ” .
ان سيد شباب اهل الجنة لا يريد من قتلته وقتلة احفاده ان يلبسوا عليه سواد الثياب، ولا السير الى مقامه الشريف ، لاطمين ومطبرين و مقدمين لزائريه ما لذ وطاب من موائد الطعام التي لو وزعت على فقراء الشعب لما بقي جائع في ارض الرافدين ، بل يريد منهم ان يشفقوا على احفاده الذين يستصرخون من شدة الظلم وسطوة الفاسدين الذين يتباكون على مقتله اليوم زورا وبهتانا ، فهم احفاد شمر بن ذي الجوشن الذي جز رأسه الطاهر في كربلاء ، كما يجزون رؤوسنا كل يوم ، واعلم يابن خير نساء الأرض بانك مثلما قُتلت مظلوما وسال دمك الشريف ، فاعلم ان ابناء ذريتك يدفعون ثمن مقتلك الذي يكلفهم اليوم انهارا من الدماء ومثلما قتلوك ظمأناً فانهم يقتلوننا جوعاً وقهراً .
الإمام الحسين الذي خرجَ ثائراً بوجه الظلم، عُرف انه مدرسة الحياة الكريمة، ورمز المسلم القرآني، وقدوة الأخلاق الإنسانية وقيمها ومقياس الحق فيها ، وان الثورة التي اشعل فتيلها قبل 1400 عام خالدة في وجداننا من حيث الواقعة والالم والفجيعة كونها ثورة قائمة ، ومواجعها جددتها سهام الغدر التي مثلما طالت اهل بيتك ، مازالت حاضرة في احفادك الذين يتقاسمون مواجعها ونكباتها التي امتلأت الارض باجسادهم وابتليت الطرقات بعضامهم التي نهشت لحمها الكلاب والغربان ، فثمت ترابط بين قصتنا وقصة ريحانة رسول الله من حيث الواقعة والقتل .
ان احياء ذكرى استشهاد سيدنا الحسين عليه وعلى ابيه وجده افضل الصلاة والسلام ، هي مناسبة لترطيب الانفس ووأد الفتنة والانتقام والانقسام الطائفي ، والتحرر من العبودية التي تلازم اصحاب النفوس المريضة ، المصاحبة للاصطفافات الطائفية والعنصرية التي اصبحت دستور هؤلاء الذين يتباكون على الحسين عليه السلام في ذكرى استشهاده، خصوصا اؤلئك الذين يحرضون على مسبة اصحاب رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم او ممن يلعنون ازواجه ، ولعل الجديد في ذكرى احياء عاشوراء هذا العام ، انه جاء والعراقيون ترنوا عيونهم الى تحقيق الشعارات التي رفعتها الحكومة الجديدة والامل في تطبيقها رغم الماخذ التي عليها من حيث طريقة الاختيار التي تشكلت بموجبها .
من يريد التقرب الى سبط رسولنا الكريم وريحانة قلبه ، عليه ان يتجرد من الحقد والكراهية واثارة الفتن الطائفية وان يتوب الى الله توبة مودع … وقبل كل شيء عليه ان يتذكر ان ابواب التوبة مفتوحة لمن صدق واستغفر واتى الله بقلب سليم ، خصوصا اؤلئك الذين يتحكمون اليوم برقاب احفاد الحسين ، فساعة الاستجابة لايعلمها الا الله سبحانه وتعالى ، ومن يعتقد ان التقرب للباري عز وجل من خلال اقامة المواكب الحسينية في عاشوراء يقيه الحساب نتيجة الظلم والمعاصي فهو واهم ، لان سيدنا الحسين يبغي مرضات الخالق وليس المخلوق ، وقبل كل شيء عليهم ان يستثمروا وجودهم في مقامي حضرة أبي عبدالله “الحسين” واخيه أبي الفضل “العباس” ، ليغسلوا وجوههم بدموع الذل في ذكرى عاشوراء ، عندها لا ينفع الندم ولا المال ولا الجاه ولا المنصب ولا الطائفة ولا المذهب، ولا ينجو من العقاب الا من تاب واستغفر.