كلنا يعرف في القواعد اللغة العربية موضوع الضمير المستتر وتقديره ( هو ,هي ,هم , هن ) وكان من المواضيع البسيطة وسهلة الحفظ في زمن الماضي أما بعد تقدم الزمن والمتغيرات النفسية والسياسية والاجتماعية وكشف الغطاء عن المستور ولمسات الدراهم البراقة والمناصب العالية حيث صارت النفس البشرية على المحك العملي فُقِدَ الضمير الغائب وفقد مصداقيته وأصبح شائعا في عصرنا الحالي .كنا نلمسه ونحس به لأنه متعايش سلميا مع مجتمعنا أما الآن أصبح الضمير غائبا نائما وقد يكون مقفلا عليه ومسافرا إلى عالم الغيبيات أو في أدراج المكاتب عند الكثير منا . أصبحنا في شوق لرؤيته وإطلالته لأننا نعيش أزمة ضمير الغائب الذي تقديره هو لأن هو قد باع ضميره أو رهنه لغيره على أمد قصير أو ركنه على جنب خدمة لمصلحته الشخصية .
ف( أنا ) صارت سِمَةٌ وعلامة فارقة لأغلب العراقيون لأن الفاعل لهذا الضمير بات في صومعته محاطا بعالمه الخاص مغردا لوحده في برجه العاجي مستورا بحمايته لا يعرف عن معانات الآخرين سوى ما يسلبه لنفسه من مقدرات غيره ليتسلق على أكتافهم لتحقيق مآربه الشخصية . لقد كان الضمير غائبا مستترا والآن أصبح غائبا ظاهرا غير مستتر لأنه بالأساس لا وجود له عند الكثير حتى يكون مستترا ولهذا السبب أصبحنا نعاني من أزمة غياب الضمير فأصبح وبالا على المجتمع مستعدا للنهب والسلب لا رادع له ولا وازع . لأن الوازع هو المثلث المكون من ( الوازع الأخلاقي والديني والضمير ) فإذا فقد المثلث أحد أضلاعه وهو الضمير فَقَدَ مقوماته ويصبح الآخرون بدون فائدة ترتجى فنحن بأمس الحاجة لعودة الضمير الغائب الذي طال انتظاره بعدما اشتدت الأمور علينا وضاع الخيط والعصفور لا نعرف كيف السبيل لعودته فهل الجلسات العشائرية أو التثقيف المدرسي أو القانون سيسهم بعودته الميمونة فندائنا ورجائنا إلى من يعثر عليه يسلمه إلى أقرب مركز اجتماعي وله منا الأجر والثواب )