مثل مجموعة خيوط التقت والتفت على نفسها وأبت الفراق حتى بلغت أعلى درجات التشابك هو حالنا!.
مثل اختلاط ماء حلو عذب مع ملح أجاج، هو طعم يومياتنا، فهي عنوان الغياب!!
مثل حرب ضروس اختلط حابلها بنابلها، فما عدت تعرف المصلح من المفسد، وضاعت في لجة الصراع الحروف والابجديات!.
فلا يستغربن احداً سوء الحال وبطء الانجاز، فالتشابك بين الملفات بلغ مداه، والتعقيد بينها وصل أشد درجاته، ومن امتلك السلطة ليس بالضرورة حاز القدرة على فك ذلك الاختلاط والخلاص.
ولكن: عشرون عجاف مرت، ألا تكفي لتحقيق ذلك؟.
ابداً!! لأن عمر الأزمة يفوق الثلاثين بل قد يقارب القرن من الزمان، منذ ان بذرت بذرة الشر لتلوث أرض الطهر والأنبياء، وتسللت إلى جميع ساحات الفكر والعمل، حتى غابت ملامحها الأوليات!.
وصحيح ان تطور أدوات الصراع كان من المفترض ان يسّرع من عملية الاصلاح، ولكن هيهات هيهات أن يتم ذلك بمثل هذه السهولة التي يظنها البعض، فمفاتيح أقفال العراق قد دفنت في صحراء شاسعة لا ينفذ إليها أي أحد، ولا تمنح للجميع القرار!
فلا بد لمن أراد هذا الفكاك أن يفهم طبيعة ما يواجه من تجذّر لأصل الخلل، ونمو شجرة الفعل المحرم التي كانت إفرازاً لها، فلا يواجه الخصم بكامل اناقته ويحاول السير على الخطوات كما قال الكتاب، فالخصم يتبع كبيره الذي علمه المكر، وهو يقاتل حافي القدمين بلا اثقال ولا افكار.. خفيف الحركة، ينّدس هنا وهناك، حتى لتشعر ان لا مخلصين في هذا البلد، ولا أحبة يذودون عنه، وهم على العكس كثر، ولكنها معركة الأعداء الأخفياء التي تكاد توصلك إلى حالة الفناء!.
خصمك يريد محوك.. وانت تريد البناء في لحظات!
خصمك يفتك بجذرك.. وأنت تكتفي بجمال المظهر لجوهر خواء!
فإلى من لا يمتلك الصبر او تجبره الظروف على التكيف والذوبان.. أقول:
هذا صراع أبدي، شديد البدايات، بعيد النهايات، يستدعي اجتماع السيوف والرماح لا تشظي القوى والسلاح، فالجميع كاد ان يتلاشى يوم اكل الثور الأبيض، فلا تلقي به ــ إذ تروم السلامة ــ في غيابة الجبّ وانت تظن النجاة!!.