8 سبتمبر، 2024 2:40 ص
Search
Close this search box.

عندما تموت المروءة تستباح الأوطان

عندما تموت المروءة تستباح الأوطان

لقد جلبت الالفية الثانية شرورها للعالم بشكل عام وللعراقيين بشكل خاص ولعل اكثر ما يشعل النار في قلوبنا هو ما نراه ونسمعه عن أولئك الذين يبدلون وجوههم واجسادهم وكأنهم لا يحملون من نسل الرجولة سوى أسمائهم والقابهم ،لانهم في حقيقة الامر لا يمتون بصلة لما ينسب لهم ولأصولهم التي يحملها غيرهم من الرجال الذين لا يهابون الردى مهما كانت المواقف صعبة وقاسية عليهم ، فهم على يقين بان المواقف وحدها هي التي تصنع الرجال وليست طبيعة جنس البشر ، فهناك الكثير ممن يحسبون على الرجال لكنهم في حقيقة الامر ينافسون الحرباء في تلونها وطبيعة اوضاعها .
في عراق اليوم يملأ السحت الحرام واموال اليتامى ، صدور القتلة بالأوسمة والنياشين وكروش اللصوص والمفسدين ، في حين يملأ صدور الشرفاء والمخلصين رصاص العملاء وخناجر الغادرين ، حتى اصحبنا لا نرى هؤلاء الخونة والسراق على اسوار المنازل في الليل ، بل العكس وللأسف الشديد نراهم خلف مكاتب فخمة في النهار ، أي قدر سيئ هذا الذي نعيشه اليوم واي رجال هؤلاء الذين لا تجد من عرق الحياء ما تنضحه جباههم ، حتى باتت فتحات الرتاج ابوابا لهم ، لان رقابهم تعودت على الخذلان ولم تعد تستقم لشدة انحنائها لولاة امرها .
 
نحن على يقين ان هؤلاء ليس لديهم فارق بين حرمة الدار وعثرة الحجار ولو دخل غريب اسوار بيوتهم وغرف نومهم ، فلن تجد فيهم من يهتز له شارب او ترتجف له شعرة ، لان هؤلاء لن تجد في قاموس حياتهم مكانة للشهامة والمرؤة ، لانهم ممن ينطبق عليهم وصف الذكور ، لكنهم ليسوا سوى اشباه للرجال ، ولو زجرتهم ذات مرة او حدقت في عيون احد منهم ، فاعلم انك ستجده ذليلا امام باب دارك ينتظر عودتك راكعا امامك ، منحنيا لتقبيل يدك ، طالبا العفو والرضا منك ، فما بالك وهو اليوم يتحدث باسم بلدك امام من احتلوا وطنك وتسيدوا على مقدراتك وتسلطوا على رقابك .
بسبب هؤلاء تمزق الوطن وبعهرهم ذبح أصحاب الخلق الرفيع وبعمالتهم استوطن الاغراب في بلدنا وبخيانتهم قتل المسلم بسيف وراية ، كتب الله اسم اشرف خلق الله من خلقه الله ، في احسن تقويم تلك ، بوقاحتهم  أصبحت راية الوطن خرقة ممزقة تترنح فوق سارية الاقزام الرخيصة ، فاقدة الوقار والمقام ، مكسورة راكعة الهامة والشموخ ، عاقرة لسند الرجولة  ، متراخية عند مكبات الفضلات ، لان عودها فاقد الايادي القابضة بعزم واقتدار ، بانحدار هؤلاء أصبحت راية العراق ، كثياب الفقراء التي تشتكي من الرقع والشقوق فتحز في الانفس والقلوب حالها المقيتة مما يجعل التمني شافعا لحرقها بالنار حتى لا تبقى طويلاَ في سواحل المهازل .
 أي عهد هذا الذي يفقد الغيرة والنخوة والرجولة ؟!!.. أي عهد هذا الذي يحاصر فيه الوطن ويسجن على يد قيادات اقزام الرجال بأوزان العهن المنفوش والتي لا تبالي بالمذابح التي تطال الأبرياء في عقر دارهم دون وجيع يحس بالعار ؟!! فأصبحت دماء العراقيين رخيصة ، كرخص زبد البحار ، ضعف ليس بعده ضعف .. وهزال ليس بعده هزال ، انها اذن عجائب الأقدار التي تموت فيها المروءة وتستباح فيها الأوطان.

أحدث المقالات