اختلطتْ علينا الاوراق والاقدار حتى لم الناس يرون عيوب انفسهم كما يرون عيوبهم ، ولعل عشق الانسان لنفسه يجعله لا يرى عيوبه حتى لم بمقدورنا ان نُميز بين الحقيقيْ منها والمزيف، وقد تشابهت في مسامعنا الكلمات التي يصفون بها حبهم للوطن والتضحية من اجله وكيف يلهجون باسم العراق والعراق يضحك، ولكنه ضحكٌ كالبكاء!
اصبح جميعُ السياسيينْ وطنيونْ ويحبونَ الوطن ويبكون عليه ويحترقون لأجله ، ويقتلون انفسهم بسببه ، من اجل شيء واحد ، هو ان يبقى عراقاً موحداً عزيزاً قوياً شامخاً معافى!
اما الصراعاتُ والانتماءات والاجندات والنزاعات التي يحرقون الأخضر واليابس عليها ، فهي ليستْ من أجلِ الثرواتٍ والمصالح الشخصية التي تَدُرها المناصبُ على اصحابها ولا على اولادهم من بعدها ولا من اجل وضعُ اليدِ على مقدِرات البلاد والتحكمْ برقابِ العباد ، بل من اجلِ رفع ِ الظلمَ عن العراقيين، الذين يقتلون انفسهم كلما اغدقوا عليهم خيرات البلاد التي حموها بمقل اعينهم ، حتى لا يجعلوها عرضة للفساد والمفسدين ، فيتألم السياسيون ويصيبهم الإحباط وهم يرون أبناء الوطن يلهثون نحو الفساد ، فيضطرون الى القضاءِ على الفسادِ وفضح ِ المفسدين .
ومن اجل ان يحافظوا على العراق ويجنبونه صراع الاجندات الاقليميةِ والدوليةِ … وابقائه بلداً حراً مستقلاً ، يعمل السياسيون دون كلل او ملل ، حتى بدا لهم ان الليل لا يختلف عن النهار لقلة ساعات نومهم التي يستغرقونها في تهيئة الاهداف والبرامج السياسية من اجل ان يبقى أبناء الشعب بعيدين عن مارثون التزاحم من اجل الفوز بالمناصب السيادية وغيرها!
اذن بات بما لا يقبل الشك ان أبناء الوطن هم من يسوؤون الظنَ بساستهِم ،وهم الذين لا ينظرون بعينِ الثقةِ لأولي أمرهم ، بل يتعاملُون معهم على اساسِ الشك حتى يثبتَ العكسْ! فساستِنا يَعتبونَ علينا لأننا نُكيلُ لهم الاتهاماتَ جزافاً، وهذا من حقهم ، لانهم ليسوا هُمْ مَنْ جعلَ بغداد اشبهُ بخربةٍ تنعقُ فيها الغربان ، وليسوا هُمْ سببُ البلوى التي نحن فيها ، بل نحنُ الشعبُ سببُ كلَ ذلك الخراب والدمار، لأننا ننظرُ بعينِ الريبةِ والتوجس لقادةٍ جاؤوا لانقاذِنا من الظلمِ وايوائنِا من التشردِ واشباعنا بعدَ جوعٍ ٍ واكسائنا بعد عَري وطمانتنا بعدَ خوف ٍوهلع ٍ.
ايها العراقيونْ المتجبرون ، ساستكم وطنيون مخلصون ، أمناء زاهدون وانتم سارقون ، هم طيبون متسامحون وانتم شريرون ، هم كرماء عفيفون وانتم بخيلون ، اذن انتم سبب كل هذا الداء والخللُ فيكم لا بساستكم ، فادعوا الله ليلَ نهار عسى أن يُكفرَ عن ذنوبكمْ لأنكم اتهَمتمْ ساستِكمْ بما ليسَ فيهمْ وهم انقياءٌ صادقونْ مخلصونْ يوصلون الليلَ بالنهار من اجِلكمْ كي تناموا قريريْ الاعينْ على مستقبلكم ومستقبلِ وطنكم .