نشأنا على أنغام العروبة بمفرداتها وتطلعاتها وتفاعلتها , وما حسبنا غير أننا عرب والعروبة تجمعنا , بل أنها في العراق طغت على الوطن , فصارت قيمها ومناهجها تتفوق على الصفة العراقية , وكنا طلبة في الجامعات , والنسبة الكبيرة من الطلبة معنا من الدول العربية , وكانوا يتمتعون بإمتيازات وأفضليات علينا.
كما أن الصحف ووسائل الإعلام قد إمتلأت بالمفردات والشعارات العروبية , بل ومنذ طفولتنا إنغرست في أذهاننا وأرواحنا ونفوسنا المعاني السامية النبيلة للعروبة.
وكنا في صندوق الوطن , لا نستطيع أن نغادره لأية دولة عربية , بسبب الموانع والحدود والتفاعلات السلبية ما بين الوطن والدول العربية , حتى أن زيارتنا للكويت الجارة ونحن طلبة ذات صعوبات وتفاعلات غير مرحب بها.
أما سوريا فحدث ولا حرج , فبرغم صرخات العروبة , ما تفاعلنا مع الأخوة في سوريا , وكذلك الأردن والسعودية ومصر وباقي الأقطار العربية.
لكن العروبة ككلمات وشعارات مضت تصدح في أركان حياتنا , وما عرفنا منها شيئا ولا حصدنا غير الخطب والتصريحات.
وبعد أن دارت السنون بعقودها , عدت إلى العروبة فوجدتها كالسراب , أو كالعفن المنفوش الذي تذروه رياح العواصف والأعاصير , فاحترت بها وتساءلت عنها!!
فاللغة العربية تعاني , وهي لغة القرآن المنزل بلسان عربي على نبي عربي , فشعرت وكأننا نعيش في زمن خلع العروبة , وإنتزاعها من جوهرها وأصولها , فأصبحت لا تمت بصلة للوجود العربي , وإنتصرت عليها مسميات وتوجهات عجيبة غريبة.
حتى لرأينا وكأن عروبتنا عقوبتنا , بمعنى أن القول بالعروبة يؤدي لإستحضار العقوبة.
فالأقطار الأكثر ترنما بالعروبة تحولت إلى جحيم وخراب ودمار , وما عاد هناك صدى لصوت العروبة فيها , وإنما يعلو في ربوعها صوت الدمار والخراب والوعيد.
فقد حل بالعراق وسوريا ما لا يخطر على بال العروبة ودعاتها , وهذه دول أخرى في مآزق المواجهات المصيرية.
وإنتهى حال العروبة إلى ما يدور اليوم في أرجاء بلاد العرب أوطاني!!
فوقفت متحيرا أمام عروبتنا المسفوحة على رمال غفلتنا وإختطافنا من جوهرنا ولسان حالي يقول : هل صحيح “هي العروبة لفظ لو نطقت به ….فالشرق والضاد والإسلام معناه”؟!!