“هونك كونك” المدينة التي تتمتع باستقلالية عالية ونظاماً سياسياً مختلفاً عن ذاك في البر الصيني،وفق مبدأ بلد واحد ـ نظامان مختلفان.الذي يمنح المدينة حكمها الذاتي.
للمدية استقلال قضائي يتبع هيكله القانون العام،كما ان لديها قانوناً أساسيا مستقلاً.ينص دستورها على أنها ستحوز استقلاليتها في كل جوانب الدولة، بأستثناء العلاقات الدبلوماسية الدولية البنية العسكرية. لدى المدينة نظام سياسي تعددي، وتتولى اختيار رئيس حكومتها لجنة انتخابية من (400 ـ 1200 ) عضو،وسيظل هذا النظام قائم طوال السنوات العشرين الأولى من الحكم الصيني .
هذا النظام وضع عقب نقل ملكيتها من بريطانيا إلى الصين،بعد نهاية الحرب العالمية الثانية،ومفاوضات دامت أربع سنوات تم التوقيع على الاتفاقية سنة “1949 ” ،حيث تم الاتفاق بين الطرفين على تسليم بريطانيا مدينة هونك كونك الى الصين بعد خمسين سنة،وتم تسليمها إلى الصين باحتفال رسمي عام “1999 “.
احد الصحفيين سأل القائم بالإعمال البريطاني بمدينة هونك كونك في ستينيات القرن المنصرم : (ماذا لو هاجمتكم الصين لاستعادة المدينة،هل ستصمدون ؟. فأجاب لا حاجة لذلك مجرد ان تطلب الصين منا الرحيل،فسوف نرحل،لكنها لم تفعل ذلك!!!).
فعلا لم تهاجم الصين البريطانيين طيلة خمسين سنة (زمن الاتفاقية)،حتى تسلمتها عام “1999 ” وجلاء البريطانيين منها.
السوال ما الذي جعل القائم بالإعمال البريطاني مطمئن بعدم الهجوم الصيني؟.لأنه يدرك ان الاتفاقات الدولية تتم بإطار “الشرعة الدولية”،وتحت خيمة “الأمم المتحدة”،والصين تعي تماماً ماذا يعني خرق تلك البنود،وان هناك نظاماً عالمياً يقود العالم،بغض النظر عن عدالته من عدمها،القوي فيه من يستطيع أن يقنع الآخرين بعدالة قضيته،وقدرنا أننا جزء من تلك المنظومة العالمية.
ردود الأفعال التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول لقاء الرئيس العراقي “برهم صالح” مع الرئيس الأمريكي،على خلفية مؤتمر “دافوس”،تشير إلى أننا سنضع أيدينا في الجحر الذي لدغنا منه مرة أخرى.
البعض يعتقد أن خطوة البرلمان العراقي،وطلب الحكومة الشجاع،بالتصويت على خروج القوات الأجنبية من العراق هو نهاية الأمر،على العكس فهو بداية الطريق إلى الألف ميل،وتحتاج منا شعباً وقيادة الى التمتع بـ ” النفس الطويل”.
هناك حقيقة يجب أن يدركها الوسط الشيعي مواطنين وساسة، أن قرار أخراج المحتل سيسجله التأريخ، بأسم الشيعة حصراً.
ما يعني أن مكونات مهمة تمثل الجسد العراقي، لها وجهة نظر أخرى،يجب الاستماع لها،وبذل الجهد في بناء الثقة،التي هدمتها السياسات السابقة، بفعل الإدارة المركزية، وتهميش وإقصاء الآخرين،فلم يعد مهم لدى الوسط الشيعي “أن يكسب الوطنية ويخسر الوطن”.
لذا فأن على “القوى المجتمعية” أن تعي مسؤوليتها التاريخية وترتقي الى مستوى الأحداث الكبيرة والمفصلية في حفظ حقوق مكون أساس لعب دور كبير في تاريخ العراق الحديث، لكنه لا يجيد حصد النتائج!،وطالما عاد من المولد بلا حمص!.
على الجانب الآخر القوى السياسية الشيعية بشتى توجهاتها،عليها تحمل مسؤوليتها،والتخلي عن صراعاتها الجانبية،وإيجاد أرضية لقاء للجميع لحفظ الوطن،مستثمرين موقفكم الأخير في التصويت على أخراج القوات الأجنبية من العراق،الذي قوبل برضا كبير من أطراف شعبية كردية وعربية سنية ومكونات أخرى،رافضة لبقاء القوات الأجنبية،ومستهجنة لمواقف القوى السياسية التي تمثلها في البرلمان.
عدم تراكمية التجارب واختمار القيادات،أورثنا عراق بلا عراقة!!!.