23 ديسمبر، 2024 7:16 م

ظاهرة توقف الصحف العراقية الورقية عن الصدور في العطل والمناسبات والاعياد

ظاهرة توقف الصحف العراقية الورقية عن الصدور في العطل والمناسبات والاعياد

الصحافة عبارة عن تيار متدفق من المعلومات والاراء والافكار ترصد الحالة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والسياسية في المجتمع لحظة بلحظة ولها علاقة مباشرة بالفرد حيث ان هذا التيار المتدفق من المعلومة يضع الفرد او القارىء في واجهة الاحداث فعالم الصحافة العالمية يستند على هذه النظرية حيث ان هنالك حالة من العرض والطلب ما بين هذا العالم وما بين الفرد في المجتمع واينما وجدت هذه الحالة فمعنى هذا ان هنالك جسور من التواصل اي بمعنى ان هنالك من يعرض معادلة المعرفة والفكر والفلسفة وهنالك من يطلبها …..
وهذا هي الروح الخفية ما بين الصحافة والفرد فمادام هنالك حلقات متواصلة بينهما اذن هنالك حياة واذا ما وجدت الحياة فمعنى هذا ان هنالك استمرارية واذا ما وجدت الاستمرارية فهذا دليل على ثقافة المجتمع اي ان هنالك رغبة جامحة في رصد فلسفة الحروف والكلمات من الطرفين ؟
ولكن من يتابع الصحف العراقية سيلاحظ ان هنالك حلقات مفقودة ما بين المجتمع والفرد ففي العراق تكثر المناسبات والاعياد والعطل وهذا ان دل على شيء فهو دليل على تنوع وازدهار المجتمع العراقي وهذه احدى بشائر الخير ولكن ما علاقتها بتوقف الصحف العراقية عن الصدور  …..
سؤالا يحيرني يستفزني يغضبني لأنه لا يوجد منطق علمي وفلسفي يؤيد هذا الترابط الغريب فهل للمعرفة والفكر والفلسفة عطل ومناسبات واعياد فكل صحف العراق لا تصدر لأيام عندما تهل علينا مناسبة او عيد او عطلة وهذا دليل على انعدام الثقافة الصحفية وعدم المسؤولية تجاه عقلية القارىء ؟
فالصحافة قبل كل شيء صورة حية متكاملة الجوانب ولكن هذه العبارة تطبق على الصحافة العالمية اما العراقية فهي صورة حية ولكنها ليست متكاملة الجوانب لأنها لا تستند الى مفهوم الاستمرارية في علاقتها مع الفرد والقارىء وهذه احدى المساوىء والعيوب التي لها دور مباشر في انعدام الثقافة في المجتمع العراقي …..
فأذا تعطلت الصحف عن الصدور فسيعاني الفرد او القارىء من حالة شلل ثقافي تضعف امكانياته العقلية في تقبل معادلات المعرفة والفلسفة والفكر وستولد الفجوات بين الطرفين هذه الفجوات ستعلن عن وجود مساحات شاسعة من الفوضى الروحية وسيبحث الفرد او القارىء عن بديل مشابه لعالم الصحافة ولن يجد ما يلبي رغبته الجامحة وبالتالي سيتجه نحو شاشة التلفاز وعالم الانترنيت ولكن لن تشبع رغبته الثقافية لأن المحطات الفضائية وصفحات الشبكة العنكبوتية تدخل ضمن خانة العالم الافتراضي الذي لا يمت بصلة لعالم الصحف الورقية لأن هذا العالم حقيقي وملموس يمكن القارىء او الفرد من التواصل بشكل مباشر معه عن طريق الذاكرة فهي تعتبر وثيقة رسمية ناطقة بأسم الفكر والثقافة والفلسفة صادرة عن مؤسسة صحفية فيها رصد لمجمل الحالة التي يعيشها المجتمع في تأريخ معين وعدد معين يضفي طابع انساني فريد على ما يصنعه عقل الانسان من ابداع ؟
لذا فأن هذه الظاهرة تهدف الى زعزعة المفاهيم الثقافية في العقل وعملية تصليح الخلل فيها في غاية الصعوبة لأنه لا يوجد قانون يجبر المؤسسات الصحفية على اصدار منشوراتها المتنوعة في الاعياد والمناسبات والعطل تضمن حصول الفرد او القارىء على الغذاء الفكري والفلسفي والثقافي وهذه مهمة كبرى صحف العراق ومن يديرونها من رؤوساء تحرير ومديروا تحرير يحملون عبء تثقيف عقل الانسان في المجتمع فمهمتنا كمبدعين شعراء وكتاب وادباء ومفكرين ان نكتب ونربط جسور الحروف والكلمات ببعضها ولكن هنالك من يدير العملية التنظيمية لما نكتبه على صفحات الصحف الورقية وهنا تبدأ مهمتهم في كسر حاجز هذه الظاهرة الغريبة التي لا تمت بصلة لعالم الصحافة الحرة …..