الثقافة العراقية تحتاج لمجلدات من كلمات الرثاء، صمت المثقف أكثر جرماً من القتلة أنفسهم، أيها الأصدقاء لا وقت لدينا لاجتراح أسلوباً جديداً لدفن الثقافة أو المثقف، لأن الموت يتصيدنا بمصائد اللارحمة . لقد فشلت رهاناتنا، ليس بسبب قصورنا المعرفي، انما بسبب غربتنا وفجيعتنا وآلامنا في عالم ينتصر للظالمين، إذ كيف يمكن لنا إيقاف هذا التوحش السياسي الثقافي المنفلت، كيف يمكن الخلاص من هذه الخسارات المحمولة بشعارات ثقافية وهمية؟ وعليه ستبدو لغة الضمير معدومة بانتظار التدخل الالهي، متى يتدخل الرب؟ ويبدو أيضاً أن مصائرنا القادمة ستلقى نفس الخيبة والموت والارتداد، لذلك ستبقى الذئاب هي الوحيدة الكفيلة بصياغة تلك المصائر بعرباتها المفخخة، وهنا ستصبح الثقافة أو الحياة خارج الانسنة، ولانها الوحيدة، أعني الذئاب، القادرة على تصنيفنا في أزمنة الكهوف . لقد حدث الانهيار الأخلاقي بعد أن فقد الموت حرمته القدرية حين أحدث قبحاً جعل الإنسان لا يقدر حتى على الدمع أو التصديق لما حدث ويحدث، يبدو أن غياب توازن الأخلاق قد أنسحب على توازن الوجدان، أي امتهان هذا لا نريد أن نتساءل: لماذا لا تتحرك سفن الكلمات المملوكة والنسب الأخلاقية والفضيلة الداعرة أوالاعلام المموه لموت الثقافة والحياة والإنسان؟ ما الذي سيفعله المثقف أو الثقافة أمام طوفان دمنا العراقي؟ ما الذي ستفعله الطوائف المغلقة؟ أهو التضليل، أم مثلية الملوك والطوائف والعقائد، أم رأس المال (الحلال)؟ يبدو أن كل هذا، مجتمعاً، هو ما يجعل الصمت رديفاً للجريمة والجمال رديفاً للقبح والكذب شبيهاً بالصدق، إنه التكافل الغريزي بين الصمت والجريمة أو بين طقوس العبادة العلنية الزائفة وطقوس الخفاء الأرعن وكذلك بين البشاعة والابشع، متى يتوقف طوفان دمنا العراقي؟