23 ديسمبر، 2024 4:24 ص

طاعون الزعامة وضياع الكرامة!!

طاعون الزعامة وضياع الكرامة!!

تزعّم فريقا: صار له رئيسا أو زعيما
يزعم: يكذب أو يظن

ومفردة زعيم طغت على الوعي العراقي بعد الإنقلاب الدامي على الملكية , التي جاءت بالزعيم الأوحد , والزعيم الركن , وهتافات “ماكو زعيم إلا كريم” , وغيرها من آليات الإنقياد والتبعية والإستعباد ومصادرة الرأي والخنوع الإنفعالي العاطفي المروع.

طاعون الزعامة وباء مستوطن خطير في بلاد العرب أوطاني منذ ما قبل الإسلام وحتى اليوم , وما تمكن العرب من التحرر من قبضته أو الشفاء منه والوقاية من الإصابة به.

فهو زعيم أوحد في سلوكه وما يبدر منه , ولا زعيم إلا هو , وياليته يكون زعيم نفسه وحسب , لكنه ينأى عن ذاته وموضوعه ويريد فرض زعامته على الآخرين.

ولهذا فأن الأقطار العربية عبارة عن زعماء وزعامات , وعندما تسأل عن عدد العرب سيكون الجواب إثنان وعشرون زعيم لا غير!!

وبسبب طاعون الزعامة أضاع العرب الكرامة , وإستلطفوا الذل والهوان والتبعية والخضوع للآخر , لأنها من مقتضيات التعبير عن الزعامة , وخلاصتها أمتلكك وأستعبدك وأقرر مصيرك وأصادر كرامتك , وأجردك من كونك إنسان , وأحيلك إلى رقم من الأرقام التي يسهل طرحها وقسمتها على ما أشاء من الأرقام.

وبهذه الزعامات تردى العرب وتقهقروا وتكسروا وإنتكسوا وإنهزموا وتقتلوا , وتدمرت ديارهم وتحطم حاضرهم ومستقبلهم , ولا يزالون يرتعون في زرائب الزعامات التي تزعم وتتزعم وتنفذ أجندات الآخرين.

وطاعون الزعامة العربي أوجد نفوسا وآليات سلوكية تستلطف الذل والهوان وتأنس بالدونية والإعتماد على الآخرين , وصارت الرؤوس محشوة بالمزاعم المأساوية النتائج والتفاعلات.

إنهم يتزعمون ويزعمون وينشرون الثبور والفساد , وهم الزعماء المبجلون المنصورون من تجار الدين , والذين يضعون على رؤوسهم عمائم الدجل والضلال والنفاق , وما دينهم إلا دنانيرهم وما يكسبونه من جاه وسلطان , ويبيعون للناس أعاجيب البهتان.

فالطبع العربي مدجن ليكون مأسورا بالزعامات ومبرمجا وفقا لرغباتها , وما فيها من نوازع سوء وإستحواذ على حقوق الناس والوطن.

فالزعيم هم الدستور والقانون , ولهذا فالحياة في ظل الزعامات بلا دستور وقانون , ولا توجد دول عربية بل زعامات ولكل زعيم مَن يواليه ويكون عبدا مطيعا لما يريد ويأمر, ولهذا فأن العديد من الدول العربية فاشلة , لأن الزعامات لا تبني دولة بل تسعى للولاءات , والكيان المعمول به مبني على اساس الولاء للزعامات , وبهذا إنحط العرب وعاشوا في قيعان السبات والإنقطاع عن إرادة العصر وآفاق الواقع الحر الدفاق الأفكار والتطلعات.

ولن تقوم قائمة للعرب إن لم يكن الدستور زعيمهم والقانون ميزان سلوكهم وأميرهم , فهل من وعي لأهمية السلوك القانوني والدستوري المفيد؟!!

وهل حمورابي حقا كان موجودا؟!!