الديمقراطية بمعناها الوطني الذي يراعي مصالح الوطن والمواطنين لا يمكنها أن تتحقق في مجتمعات بلا قدرة على الإستقلالية الفكرية والتقديرية , وإنما هي ذات ميول تبعية لهذا وذاك من أصحاب النفوذ والسلطان , والإنحسار في أوعية الحياة البالية , كالعشائرية والقبلية والطائفية والتحزبية , وغيرها من آليات الإعتقال والإحتقار ومصادرة الإرادة والمصير.
مجتمعات البشر التابع القابع الخانع لا تصلح للديمقراطية ولا هي تصلح لها أبدا , لأنها ستدفعها للدخول في متاهات خسرانية تدميرية فادحة , وهذا ما يجري ويدور في بعض المجتمعات المتوهمة بالديمقراطية , والمحكومة بالأطر البالية والكينونات التدميرية الفاعلة في أيامها القاسية.
ولهذا تجد البشر فيها يلهث وراء الصورة , وتزدحم شوارعها وأماكنها بالصور التي تدعوها لإنتخابها , فالهدف هو الصورة , ولا شيئ سوى الصورة , التي تعني التعبير عن الإنتماء لكينونة خاوية , والخنوع لموضوعات مناهضة للمصالح الوطنية المشتركة.
وعليه فأن الأموال الطائلة تُصرف على الصور , وتتحقق المباريات الصاخبة ما بين الصور وأيهما أجمل وأفضل إخراجا وتزويقا وتزييفا, لكي تجتذب الناخب وتوقعه في غرامها والإعجاب بها , فالإنتخاب للصور , وكل مرشح ينادي ” إنتخبوا صورتي”!!
وتمضي الصور تلعب دورها في حياة المجتمعات الجاهلة بالديمقراطية وقدراتها وآليات الإستثمار الحضاري فيها , فالإنتخاب يكون وفقا لإرادة الصورة , أما المشروع والبرنامج والهدف فأنها غائبة ومجهولة لا قيمة لها , لأن القيمة العليا للصورة وحسب , مادامت الرؤوس مفرّغة والنفوس معبأة بالعواطف والإنفعالات الكفيلة بعشق الصور!!
فانتخبوا صور , واهتفوا صور صور , فالحياة صور!!
والديمقراطية صور صور فأين المفر؟!!
وأطعموا الشوارع بالصور , وتنعموا على الفقراء بالصور!!
تُرى أ هذه ديمقراطية أمْ خَوَر؟!!