18 ديسمبر، 2024 11:17 م

الشر صناعة يتم إستحضار موادها الأولية وعناصرها المساعدة ومهندسيها وبناء المصانع اللازمة للإنتاج بالجملة , وما أن تبدأ صناعة الشر فلا تتوقف وتتطور وتبني لها مصانع فرعية في أصقاع الدنيا.
وصناع الشر مهرة خبراء ولديهم تجارب بالصناعة السيئة , لكنها تحقق مصالح دولهم وتطلعات حكوماتهم , التي تريد الإستحواذ على القدرة الأرضية.
والشرور في المجتمعات المتأخرة معظمها ليست من تصنيع أهلها , وإنما مستوردة.
فالشرور التي عصفت في العديد من المجتمعات مصنّعة ومجهزة بآليات التعبير عن الشر في مواطنها , ويتم رعايتها وصيانتها وتأهيلها , وتزويدها بالطاقة اللازمة لإستمرارها , فتتواصل بإدامة وإعالة كاملة تكفل لها البقاء والنماء.
وهذه الصناعة مربحة لأنها توفر أسواقا للسلاح وتمنح القِوى المُصنِّعة لها مبررات الإقدام على إمتلاك الهدف المطلوب , مما يعني أنها صناعة قابلة للتطور والإنتشار بمهارات تسويقية حديثة.
ومن أفظع ما تحقق في التسويق أن الدين صار علامتها التجارية المسجلة , وبموجبها يمكنها تجنيد الأعداد المطلوبة لتنفيذ المهمات العدوانية على الخير.
ويبدو أن الواقع القائم يشير إلى قوى تسعى لإعادة تصنيع الشر بعد أن أوصلته إلى أوج ما يستطيع ثم تهاوى أو تمزق , لكنها بدأت التصنيع بأساليب جديدة تحافظ على إنتاجية عالية وتسويق منقطع النظير , مما يعني أن الويلات ستتعاظم في المجتمعات المُستهدفة.
ذلك أن الحروب الجديدة ما عادت كالحروب التقليدية , التي أسدل الستار عليها القرن العشرون , فتعتمد على صناعة الشر في الهدف , الذي سيقوم بالمهمات المرسومة للوصول إلى المطلوب.
وعليه فبعض المناطق والمجتمعات وخصوصا الثرية , ستكون في محنة كبيرة وإستنزاف شديد لطاقاتها وثرواتها , بتأهيل أبنائها لصناعة الشر , وسيعملون بإندفاعية فائقة لتدمير مجتمعاتهم , والقضاء على أنفسهم وهم لا يشعرون , وبذلك ينفذون المشاريع وينتقمون من بلدانهم.
فالحرب المعاصرة تتلخص بتأهيل ما في الهدف من قِوى ذاتية وموضوعية لتدميره والسيطرة الكاملة عليه.
فهل سيستفيق البشر من أهوال الخطر , ويتجنب الدخول في مشاريع إنتاج الشر؟!!
د-صادق السامرائي