شمعة في أربعينية الشاعر صلاح شلوان / ملتقى جيكور الثقافي/ الأول من آيار 2018
مالك يا ابن شلوان تروح وتجيء
هل أضعتَ طائركَ مثلي ؟
– لا..يا ابن مسعود انما أمرّنُ نفسي
على الرحيل
في مقهى منزوية، في زقاق، يقابل مطعم كويسنجق،/ سوق المطاعم في 1996 ألتقيتُك يا صلاح شلوان، عند أرتفاع الضحى، كانت ظلال أقفاص الأسر وهي تسع من السنوات محفورة في شيخوختيّ وجهك وصوتك، لكن طيبة الجنوب كانت تشع منك مما يجعلني أمكث مصغيا لكل مايتأرج منك منذ(تجاعيد الممحاة) الى(التلاشي) وهي ليست بالمسافة القصيرة فهي ممتدة من 1996 الى 2017
*تجاعيد الممحاة : 1996
*فوتوغراف البروق: 2006
*تحت شجرة الأكاسيا :2009
*بريد الأحجار المنزوعة : 2012
*أسطوانة الألم: 2014
*التلاشي / 2017
ها أنت تورثنا أشجارك بثمارها وفيئها ومصابيحها، فأنت أنت،وهنا أختلافك مع الوردة لأنها حين تموت(لاتكتب اسما فوق الارض) فهي تحسن العطر والإناقة ولله الحمد لاتحسن الكتابة، فالكتابة مصنّعة، والوردة كوكب في مجرة نباتية، وهي آية في الزهد( لاتطلب نعشا ثمن العطر) وأنت تكتب الوردة َ هل استعدت رحلتك المدرسية وأنت في الرابع الابتدائي وصوت المعلم بكرشه المتدلي، يتكلم قصيدة إيليا أبي ماضي في قوله( من ذا يكافىء وردة ً فواحة ؟)
يا ابن شلون ماعلاقتك ب(الغسق المطعون)؟
ولمَ تقترض سؤالا فلسفيا وتشعرنه وتصرخ في خطوتك الشعرية الأولى
(لمَ يتعكر صفو العالم) ومابين القوسين، يمكن تعليقه بمسمار فلسفي أقترضه لك من الفيلسوف هوسرل وهو دائما هوسرل..
. صلاح شلوان : أنت بسيط ٌ مثل سيكارة لف.ومعطّرّ برائحة تراب المطرة الأولى.
هادىء مثل عشبة، مخبوءة في الشرايين الظاهرة لنخلة سقياها شط العرب..
أسألك من(بريد الأحجار المنزوعة): هل هذه صورتك بالاستعارة التقطتها أنت لك، أعني أليس ذلك الفجر فيه الغزير الغزير منك يا ابن شلون؟
(حزيناً
أطل الفجرُ من كيس كنغر ميت ٍ
فحمله العرّابون
إلى عناق الغرف الخاوية
ليغمروه بالبهجة الكاذبة)
يا صلاح….
أكمل أستكانة شايك في مقهى سيد هاني، أكملها بنكهة سيكارة إسبين
ف(الشمس غربت
والريح ُ كنست العتبة)
ياصاحبي …
يالك من طائر غريب، كلّما دق رقاص الساعة فوقك أزداد قلقك تحتها، يالوحشتك أيها الطائرالهادىء ..ماالذي رأيت ؟ هل رأيتها في ساعة الزوال؟ رأيت َ الشعلة الموّلهة بالتلاشي؟ هل حياتك هذه ، هي حياتك أنت؟ أم حياة ذلك الطلاء الصقيل في ذلك الباب العتيق ؟
صلاح.. صلاح هكذا أهزك ليتساقط نومك من يقظتك : أين وصلت بأمنيتك حين كان لعاب الغابة يتبعك ؟ أما زلت تغني
(ليت قلعتي
هذا القفير!)
هل نأيت عنا ..لتصل وحدك بلا ظل الى تلك الشجرة النائية البيضاء، لتقطف منها عصفور أسود ولِدَ للتو عارٍ من الريش ؟ ألم تلتفت لترى مركبات الكراسي وحملة الكراسي، كيف تقذف بوحلها نحو عباءات الأمهات وهن يتسلقن أعمدة المدينة ليعانقن الصور، أحتجاجا على صورٍ تريد محوها؟
حقا يا ابن شلون، أنت تعرف ذلك وها أنا أسمعك تنزف .. دهرا لازمنا، كما تقول العرب، إذا عنت زمنا مطلقا *
ياصلاح : ليكن الناي حصانك الأشهب، يعبر بك السهوب ويتسلق الجبال والغيم والنجوم .ويقطف عصفوراً جريحا، ليخلصه من ذلك السلك المرتفع، فثمة قصبة مباحة تتلوى وتئن في الريح، بعدها تستحيل القصبة أفعوانا وحيدا يحتضر
وها أنا أسمعك ..أسمعك جيدا تهامسني في ذلك الضحى أنت وأستاذنا وصديقنا الشاعر كاظم اللايذ وأنا
(أتذكر ُ صنعت ُ طائرة ورقية ً بلون السماء
غير أني نسيت ُ أن أترك خيطاً
خشية ً من هذه الرياح المضمرة
القوية !)
*(العرب تقول،، دهراً ،، لا ،،زمنا،، إذا عنت ْ زمنا مطلقا!) / ص15/ فوزي كريم/ في روايته البكر(من يخاف مدينة النحاس؟)/ دار المتوسط/ ميلانو – إيطاليا/ 2018