تعيش البشرية هذه الايام اوقاتا حرجة يمكن وصفها بنهاية العالم من الجانب الانساني والاخلاقي فالحروب نهشت بقاع عديدة من الارض وصنعت من القتل وسفك الدماء لغة اخرى تضاف الى لغات العالم …..
لكن لا شيء يتغير في كل هذا تبقى الانظمة والقوانين والسياسات هي ذاتها لا تتغير وتدفع الانسانية فاتورة مفتوحة من الخسائر البشرية اضافة الى زرع شبح الدمار والحطام واصوات المدافع والقذائف في المدن والقرى …..
لكن تبقى اوروبا هي الملجأ الوحيد للحرية والمكان الوحيد الذي يمكن ان يعيش فيه الانسان بهدوء وسكون روحي وجسدي بعيدا عن فوضى الارهاب الذي بات ينتشر في الشرق الاوسط كالسرطان …..
فالعراق يعاني من الحروب والازمات وسوريا مثلها واليمن تتجزأ والامة الكوردية تقاتل نيابة عن العالم اجمع ضد داعش وليبيا اصبحت قاب قوسين او ادنى من الانهيار حتى مصر ولبنان وتونس وغيرها من الدول فيها من الاسباب والعوامل ما يكفي لكي تندلع فيها مشاكل وازمات لا حصر لها …..
تبقى اوروبا البوابة الحديدية تبقى اوروبا القوة العظمى في العالم التي لا يمكن الاستهانة بقدراتها فهي تملك القدرة على دحر الارهاب من على حدوها بثواني معدودة لهذا اليوم تستقبل البائسيين والجائعين والمضطهدين والمظلومين من جميع ارجاء العالم كي يحلوا عليها ضيوفا مدى الدهر هنا تكمن قوة اوروبا فهي تمتلك اضخم ترسانة عسكرية واحدثها تكنلوجيا لكنها في الوقت ذاته تمتلك قلبا بحجم الكرة الارضية مليء بالمحبة والمودة والاحترام يكفي ان ينشر الفرح والسرور والسعادة في عقول وقلوب من يهاجرون اليها طالبين النجدة من جحيم الارهاب في دولهم ومدنهم …..
تبقى اوروبا حاضنة الانسانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني صادقة ومن كافة الجوانب وخير مثال على هذا استقبال المانيا للاجئين الذين يسيرون على اقدامهم الالاف الكيلومترات في سبيل انقاذ ارواحهم اللاجئين الذين يتحملون ظروف قاسية ما بين الم ووجع وجوع وعطش في سبيل ان تحظى قيمتهم الانسانية بالاحترام والتقدير …..
فالمانيا ليست سوى نموذجا واحدا من الدول الاوروبية التي تستقبل المهاجرين من اوطانهم فكل الدول الاوروبية فتحت ابوابها لهم لأنها ولدت من رحم القوانين والانظمة والشرائع الانسانية فلا يوجد قانون ملون في انظمتها الحاكمة فالقوانين اما بيضاء شرعت لخدمة الانسانية واما سوداء وضعت لمحاربة الارهاب …..
القضية المثيرة للجدل ان الدول العربية والاسلامية لم تتكلم ازاء ما يحدث من زحف بشري نحو اوروبا بل اكتفت بتوجيه الانتقادات لاوروبا كونها تستقطب الطاقات البشرية في سبيل خدمة طموحاتها واهدافها في الوقت ذاته لم تفتح اي دولة عربية او اسلامية ذراعيها لاستقبال هؤلاء البشر بل اكتفت بتشديد الحراسة على حدوها كي لا يمر الاطفال والنساء والشيوخ الى اراضيهم فهم على حد قولهم قنابل موقوتة ربما تنفجر في اي لحظة وتحطم انظمتهم الحاكمة …..
في كل هذا تتصدر الاحداث امرأة يمكن القول انها امرأة فولاذية لما تحمله من شجاعة وقوة واصرار على تحمل اوجاع والالام الالاف من المهاجرين نحو اراضيها انها ( انجيلا ميركل ) سيدة الحدث الاول والاخير في العالم السيدة التي وقفت الى جانب هؤلاء الجائعين والبائسيين والمظلومين والمضطهدين في رحلتهم نحو المانيا واوروبا السيدة التي تحمل قيم واخلاقا لا تضاهيها قيم واخلاق حكام العرب مجتمعين لأنها كانت من الاوائل الذين نادوا بضرورة استقبال هؤلاء اللاجئين الذين ما زالوا يتوافدون على اراضي اوروبا بالالاف ومن كافة ارجاء العالم ورعايتهم وتقديم كافة الخدمات لهم في سبيل ان يعم السلام والامان والهدوء في عقولهم وقلوبهم …..
فكل ما قامت به ميركل سيكتبه التأريخ بقلم من الالماس وليس من الذهب لأنها قامت بعمل بطولي وانجاز تأريخي لا يتكرر كل مليون سنة الا وهو انقاذ الانسانية من الهلاك على يد الارهاب …..