سيستمر صراع تكنولوجيا كل عصر مع عراقة القيم المجتمعية ولذتها واصالتها . وكما هو الان ستبقى الاصالة وستعاني المجهودات الرامية لدفن القييم المجتمعية الاصلية مهما ارتفعت درجات الخطورة كما فعلت حجارة الطفل الفلسطني في دحر العدو الاسرائيلي في زمن الانتفاضة. هذه الحجارة التي واجهت اعتى الاسلحة المزود بها جيش الاحتلال الذي لايقهر كما يزعم . وكما تفعل الان صواريخ غزة المحلية الصنع في اختراق القبة الحديدية لاسرائيل.
وعلى صعيد متصل تعجز السلطات المسؤولة وخاصة في المجتمعات النامية في اسيا وافريقيا عن جعل المواطن يلتزم بشكل جاد باجراءات الوقاية من الاوبئة وغيرها من الكوارث الطبيعية والكوارث البشرية لعدة اسباب من بينها : كون مشاعر المواطن قويةواصيلة ونابعة في هذه المجتمعات من القلب بالاضافة الى العامل الاقتصادي (مصدر الرزق ) وثانيهما عدم استعداد او عدم قدرة الجهات المسؤولة عن تخصيص و تقديم المحفزات المالية والدعم الملموس كدفع الايجارات نيابة عن المواطن مثلا وثالثهما ايمان المواطن بوجود نظرية المؤامرة نتيجة عدم صدقية اصحاب النفوذ في الدول المؤثرة في الغرب كشركات الادوية خاصة عند التعامل مع شعوب العالم الثالث بشكل خاص من خلال فبركة الحجج . وليس ادل على ذلك ماحصل للعراق في الحرب مع امريكا بحجة وجود اسلحة الدمار الشامل وبعد الذي حصل ما حصل بعد الحرب تبين للجميع عدم وجود اثر لهذه الاسلحة وان الامر مدروس لتدمير العراق وعزة شعبه وشهامته من قبل اعداء اليوم والامس.
ومن الوقائع الداعمة لما ذكر سابقا هو ولائم الاعياد الدينية و حضورها من طرف العشرات من الاقارب والاصددقاء والمعارف دون الالتزام باجراءات الوقاية من جائحة الكورونا كارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي والتلقيح الذي لقي نصيبه الاكبر من الشعائات وتخويف الناس منه لاسباب مختلفة بعضها مؤمراتية وبعضها خرافية و التقاط الصور لهذه الفعالية من خلال الهواتف المحمولة ونشرها وانتشارها عبر منصات التواصل الاجتماعي.
والمعروف ان ثقافات الامم تتنوع وتختلف. وللعلم الثقافة هي ليست اجادة القراءة والكتابة والاطلاع على الكتب وتحدث اللغات المختلفة ومعايشة الكتاب والمثقفين وانما هي مجموع القيم والتقاليد والاعراف التي تربى عليه الفرد في المجتمع وتوارثها. هذا النوع من التجمع الولائمي قد يكون جدا مقبول لنا وطبيعي جدا كمجتمع شرقي اسيوي له تقاليده واعرافه العريقة تحديا للمخاطر ومجازفة من اجل ابقاء هذه القيم واستمرارها وافتخارا بما بناه الاسلاف وتأسيسا لثقافة متينة للاجيال القادمة ولكنه مرفوض ومستغرب من طرف مجتمعات لها ثقافات غير ثقافتنا كما انه مرفوض نوعا ما من طرف بعض ابنائنا ممن هاجروا وهجروالبلد واندمجوا في مجتمعات الغرب نتيجة للهزات السياسية والاقتصادية العنيفة التي تعرضت لها بلدان الشرق الاوسط مثلا خاصة في القرنين العشرين والواحد والعشرين .
انا اعتقد ان هذه الممارسات من امثال تحدي الاعداء وتحد الاوبئة لم ولن تختفي مهما ارتفعت درجة خطورتها لانها عريقة واصيلة لها لذة ولا تستطيع تكنلوجية العصر الحاضر ولا الكوارث القضاء عليها.
فبالرغم من نشر وانتشار الصور والفيديوهات مثلا من طرف رواد منصات التواصل الاجتماعي رغم قوة هذه الحجة المرئية والمرئية المسموعة( The Camera Never Lies) في تبين المضار والسلبيات لم يمتنع اصلاء المجتمع الشرقي بالخصوص من التمسك بما تربوا عليه مهما كانت درجة الخطورة لان هذه الممارسات عريقة. ومهما تقدمت التكنلوجيا الدفاعية العسكرية لن يستطع الاعداء التغلب على تصميم وعزيمة اصالة ابناءنا حتى الاطفال . الاصالة دائما تهمين وتتغلب على الانداد.
اننا بهذا لانشجع على الفوضى التقليدية وعدم الالتزام ولا نتعامى عن الاخطار ولكن هذه وقائع لابد من ذكرها في المجتمعات القدرية (Fatal Societies) . وهكذا تعيش وتنمو مجتمعاتنا رغم كل الصعاب والكوارث ورغم التقدم التكنولوجي الموازي على مدى العصور.