تناولت بعض وسائل الاعلام في الايام القليلة الماضية انباء عن امكانية مهاجمة” داعش” للعاصمة بغداد، أكدت تلك المعلومات تصريحات لقيادات امنية امريكية حول دقة المعلومات ،فقد صرح قائد القوات الامريكية “ديمبسي” عن منع طائرات “الاباتشي” مسلحي داعش من الاقتراب من العاصمة بغداد وتحديداً المطار، فيما المح تصريح “تشاك هيغل” وزير الدفاع الى ذلك (العاصمة بغداد مسيطر عليها تماماً من قبل القوات العراقية).بيد ان قراءة معمقة لما يجري على الارض يشير الى ان موضوعة سقوط بغداد هي خرافة لا توجد الا في رؤوس من يفكرون بهاوهم بقايا الناقمين على العملية السياسية وعملية التغيير التي حدثت بعد زوال نظام صدام حسين، وكذلك دولة الخلافة.
الاسباب التي تمنع سقوط بغداد كثيرة لعل في مقدمتها رغبة الولايات المتحدة الامريكية بقاء بغداد في مأمن من هجمات مسلحي داعش،لضمان بقاء اعضاء السفارة الامريكية في مواقعهم وعدم اخلاء رعاياها الذين يمثلون ادارة العمليات الامريكية الجوية على الارض، وبالتالي استمرار تدفق المعلومات الاستخبارية وتالية عدم حدوث عمليات نزوح كبيرة لايمكن ان تتحملها المنطقة برمتها في حالة سقوط العاصمة بغداد، فضلا عن الحفاظ على مطار بغداد لاستخدامه في شن الغارات الجوية على مواقع تنظيم داعش.
التخوف الامريكي يكمن في استمرار الهجمات على الاهداف المدنية والعسكرية من قبل تنظيم داعش في بغداد قد يُحدث اقتتال داخلي مايؤدي الى عدم استخدام مطار بفداد، وبالتالي اخراج الرعايا الامريكان.
الامر الاكثر اهمية بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية هي الخشية من التدخل الايراني في حالة سقوط بغداد،فأيران لم تبدي حراجه عندما صرحت علنا انها لن تقف مكتوفة الايدي في حالة تهديد بغداد وان امن دمشق وبغداد من امن طهران.
العالم والولايات المتحدة الامريكية لديهم تجربة مع جدية طهران بدعم حلفاءها ،والتجربة السورية ليست بعيدة فمنذ ما يقارب اربع سنوات والنظام السوري لازال صامداً بفعل الدعم الايراني برغم التحالف (الامريكي ـ التركي ـ القطري ـ السعودي ـ الاسرائيلي ).
حراجة الولايات المتحدة تلك تجعلها تفكر بخيار الدفاع عن بغداد بقوة وعدم بخلها بدعم العراقيين بكافة المستلزمات اللوجستية دون تدخل بري على اقل تقدير في المرحلة الحالية.
اذا ماعلمنا ان امريكا لايمكن ان ترسل قوات على الارض دون وجود قوات صديقة وهذا مالم تحرزه الولايات المتحدة الامريكية لحد اللحظة بسبب الرفض الكبير من قبل غالبية العراقيين للتدخل البري . الاستراتيجية الامريكية الحالية ستركزعلى دعم وتسليح القوات الامنية العراقية وكذلك القوات الكردية ،فضلا عن تأسيس قوات امن عراقية خاصة بالمحافظات السنية ستتولى تلك القوات استعادة الاراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش .وقد ترافقها عمليات برية امريكية محدودة في الموصل تنتهي مع استنفاذ الحاجة اليها.