لا يليق بالرجل المهذب صاحب السمو والرفعة أن يكون متسرعا ًفي اتخاذ قراراته.. والتراجع عنها دلالة واضحة عن ضعف شخصية ذلك الرجل، هذا ما نتفق عليه جميعاً في مجتمعنا الشرقي، عن شخص يتخبط بما يراه من وجهة نظره الضيقة انه الصواب، بيد ما تراه الحكمة تخبطاً، وانجراف نحو الهاوية، فما بالك أذا كان من نتحدث عنه هو أعلى سلطة تنفيذية في حكومة ديمقراطية امتازت بالشراكة “الوكالية” لا الوطنية، “الوكالية” مصطلح جديد في السياسة العراقية ربما ستسمح لي الأيام القادمة أن اكتب عنه”..!، استغل النعرات الطائفية كوسيلة لقيادة العراق في مرحلة بدت فيها الدولة العراقية تتجه صوب نادي الدول الفاشلة، الذي يضم دولاً مثل الصومال…السودان …أفغانستان….ومالي!.
انتهت انتخابات مجالس المحافظات، وبدأ الحوار على تشكيل الحكومات المحلية، ويفترض أن يكون هذا الحوار مبنياً على الأسس التي أقرتها مواثيق الشرف السابقة للانتخابات، التي من شأنها أن تنهض بواقع المحافظات، واستبشرنا خيراً وعززنا الثقة بمن قطعوا حبالها…خرج موكب المواطن الذي يشكل تيار شهيد المحراب عموده الفقري بكل أبعاده الجماهيرية،و تنظيماته النوعية، التي شهدت تطوراً كبيراً خلال السنتين المنقضيتين، وخرج أيضا موكباً مماثلاً هو موكب السلطة الذي يقوده المالكي بقضه وقضيضه، بجميع إمكانياته السلطوية.
الموكب الأول كانت تحدوه النوايا الذي عززه ببرنامج انتخابي واسع وعريض لا يتحدث عن السياسة بالمقدار الذي كان يعد فيه بخطوات عملية لأنتشال الخدمات من مأزقها الذي بات عمره عشر سنوات مترعة بالفساد والإخفاقات و التلكؤ، وسوء الإدارة، وانعدام التخطيط.
الموكب الثاني تقف حشوده محملة بأعباء أخطاء السلطة ونزوع إفراده وتشكيلاته نحو جني المكاسب وتحقيق الإرباح على حساب استحقاقات المواطن والمرحلة.
وكنا نقول منذ البداية وقالها الغير: أن تحالفاً بين هذين الموكبين غير ممكن عملياً، لاختلاف المبادئ والرؤى والمرامي والأهداف
لكن خرجوا يحيون مراسيم تحالفهم إمام جماهيرهم، في الوقت الذي حذر الكثير من أن يلدغ الحكيم من جحر مرة أخرى !!، كما اعتاد المالكي “أن يغرف الدموع من اجل الهريسة لا الحسين ” في مواسم الانتخابات بغية التشبث بكرسي السلطة وتناسي بناء الدولة, مؤمن بمقولة الغاية تبرر الوسيلة!.
بعد انقضاء الوقت… تكرر السيناريو المعتاد، وسرعان ما نقضت الاتفاقات الأولية، ومسح ميثاق الشرف بالجدران، وقيل أن هاتف الحكيم قد تلقى مكالمة بدأت بعبارات التظاهر بالخجل والاعتذار عن عدم أمكانية الدخول بتحالف يجمع القانون والمواطن في مجالس المحافظات الخدمية!، بذريعة معارضة أعضاء حزب الدعوة!! وربما من حق زعيم الحزب أن يشاور أعضاء حزبه،سيما أن حسب الدعوة حزب أسلامي كان الأساس في تشكيله هو أتباع آية من الذكر الحكيم ( وأمرهم شورى بينهم)،وهنا يتبادر للأذهان سؤال؟ عندما طرق المالكي باب الحكيم طالباً التحالف أين كان قادة حزبه؟ هل شاورهم ام تفرد كعادته بقراراته ثم تراجع!؟
من البديهي إن ينقض حزب الدعوة الاتفاق على قاعدة المثل الموصلي الشهير “ألف قلبة ولا غلبة” أي ألف مرة ننقلب على الاتفاق ولا نغلب مرة واحدة، لقد وجدوا أن الحكيم الذي كانوا يخططون لتحويل كيانه السياسي إلى منظمة مجتمع مدني قد تقدم الصفوف مرة أخرى، مثل ما كان كيانه أبدا، فأنهم تلافوا قرارهم بانقلابهم على إعقابهم، هذا تحسباً للانتخابات النيابية القادمة.
لقد هدموا الاتفاق حتى لا يشهد نهايتهم الحزينة في انتخابات مجلس النواب القادمة، وهذا ما يتوقعه كل المراقبين السياسيين.
فكر قبل أن تنقاد فقد يكون القائد بصير!