22 ديسمبر، 2024 5:49 م

ولدنا وترعرعنا في سامراء , وترسخ في وعينا أنها تابعة لبغداد , وبعد أن أنهينا مراحل الدراسة فيها , وفجأة وبدون مقدمات أصبحت تابعة لقضاء تكريت , الذي صار مركزا لمحافظة جديدة إسمها “صلاح الدين” , ومنذ ذلك الحين والخراب فيها عميم.
فبدأت مسيرة إهمالها وإغفال دورها , وقيمتها الحضارية والدينية والإقتصادية , حتى وصلت لِما هي عليه من صعوبة الأحوال وقساوة المآل.
فهي محرومة من إمكانيات التفاعل مع عصرها , والمضي في طريق التأسيس لمدينة معاصرة , ومؤثرة في الواقع الوطني.
وقد إشتد الخناق عليها بعد (2006) , فتحولت إلى مدينة محاصرة , وتحت الهيمنة العسكرية والأمنية الشديدة , حتى تبدو للقادم إليها أنه يدخل في معسكر.
وتخربت معالمها , وختقت محلاتها القديمة , واصبحت محفوفة بالحواجز الكونكريتية , وبنقاط التفتيش المتعددة , وما حظيت برعاية لائقة بها.
وتدهورت الأحوال الإقتصادية لأهلها , لحرمانهم من النشاطات الحرة , التي كانت تدر عليهم أرزاقا , وتوفر لهم الرفاهية والشعور بالإطمئنان.
فالزائر للمدينة ممنوع من التفاعل مع أهلها , ومركزها الإقتصادي القريب من مرقد الإمامين , صار مهجورا وممنوعا , وشوارعها المهمة (البنك والشواف) , تم تعطيلهما وتشويههما , وتحديد النشاطات فيهما.
وما أستحدثَ فيها من توسع وبناء , فبجهود أهلها , لكن الخدمات فيها تضاءلت , ومحطة الكهرباء التي فيها ما عادت تسد حاجتها , وهي التي كانت تسد حاجة نسبة لا بأس بها من الكهرباء في البلاد.
ولا يوجد فيها غير معمل الأدوية الذي ما تطور وتقدم , وأنشئت فيها جامعة أواخر القرن العشرين , ولا تزال تكافح من أجل إثبات وجودها وبجهود كوادر أهلها.
إن هذه المدينة المهمة حضاريا وتأريخيا وإقتصاديا , بحاجة لمزيد من الرعاية والتخطيط العمراني , وإلى حركة دؤوية لإستعادة جمالها وبنيتها التحتية اللازمة لدخولها مزهوة في عصرنا الجديد.