السياسة بإختصار تعني تحقيق المصلحة , وأي مجتمع فيه ساسة لا يحقوقون مصالحه , فأنهم أدوات لتحقيق مصالح الآخرين المرهون مصيرهم بهم.
وما أكثر الأدوات في المجتمعات المنكوبة بمن يسمون “ساسة” , وما هم إلا غير ذلك تماما , فالسلوك المسمى سياسيا يرتبط أصلا بالمصلحة العامة أو الوطنية , وكل ما يصب في هذا السبيل يحسب سياسيا , وما لا يتوافق معه يكون معاديا , وخبالا.
والمخبولون المدّعون بالسياسة يتكاثرون في المجتمعات المقهورة المهدورة الثروات والمرهونة المصير والمصادرة الإرادات , لأن مخبوليها يتوهمون السياسة ويقومون بدور الأدوات التي تحقق مصالح الآخرين ونكران مصالح المواطنين.
فالسياسي الناجح هو الذي يحقق مصالح بلاده وشعبه , والفاشل مَن يفشل في ذلك , لكن الذي يعادي مصالح بلاده وشعبه ويدّعي بالسياسة , فأنه لا يمكن أن يكون أو يُسمى إلا كونه أداة مسخرة لتنفيذ أجندات مناهضة لمصالح البلاد والعباد.
وفي الدول المتأخرة يكتسب الشخص صفة السياسي بمجرد الجلوس على كرسي المسؤولية , بأساليب متنوعة كالإنقلابات والتحزبات والفئويات وغيرها من المسميات , وحالما تلامس مؤخرته الكرسي حتى يجتاحه وَهْمُ السياسة , ويتصرف على أنه سياسي عارف أو محترف , وبهذا يكون صيدا سهلا للساسة الذين سيتفاعل معهم من مجتمعات الدنيا الأخرى , لأنهم محترفون ومؤهلون للعمل الدؤوب لتحقيق المصالح الوطنية , وهو مدّعي سياسة ولا يمتلك رؤية وطنية وعالمية ولا يحيط علما بالواقع السياسي وقوانينه , وقواعده وأصوله التفاعلية التي تحافظ على السيادة وتصون المصالح , وبهذا يكون الوطن بسببه عرضة للضياع والإمتلاك من قبل المحترفين القادرين على أكل الأكتاف.
وهذا يفسر إنهيار العديد من الدول ودمارها بسبب هؤلاء المخبولين المتوهمين بالسياسة , وما هم إلا أدوات طيعة لتقديم أرقى الخدمات للطامعين بهم وبأوطانهم , وهم لا يشعرون وفي سرابات تصوراتهم يعمهون , ويحلقون بعيدا في فضاءات الأمية السياسة ويتلثمون بالخداع والتضليل والصراع , ويتعممون بالفساد والجور والعدوان على أبناء وطنهم المبتلين بهم.
وتلك أحد مرتكزات الويلات المتفاقة في مجتمعات تولي أمرها لأمثالهم!!