22 ديسمبر، 2024 10:31 م

روسيا وحربها الاستباقية  و” الانسان ” في منطقة الشرق الأوسط !!!!

روسيا وحربها الاستباقية  و” الانسان ” في منطقة الشرق الأوسط !!!!

تحت خيمة الاثار النفسية التي تركتها صور اللاجئين الهالكين على سواحل تركيا وبعض بلدان أوروبا قاد الروس حملتهم الاعلامية حول ” تكتل القوى الإرهابية في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط ) …حملة وضعت الراي العام الاوروبي في قلب حروب الشرق الأوسط وبين نارين أولهما استضافة أفواج اللاجئين وهو ما يعني انتظار أزمات اقتصادية جديدة وصعود اليمين المتطرف وثانيهما المشاركة الفعلية في الحرب ضد الارهاب في سوريا وهو ما يعني دعم نظام بشار الأسد بصورة غير مباشرة !!!! وقد رجحت استطلاعات الراي العام في بعض البلدان الأوربية” النار” الثانية  على النار الاولى وأشرت نجاح دبلوماسية واعلام موسكو ..
وفي تلك الأجواء أتت الحملة  العسكرية الروسية  ” الفعالة ” لمحاربة الارهاب لتؤشر ارتفاعا في مستوى جهود الروس المتواصلة  لدعم نظام بشار الأسد في المراحل التي يتعرض فيها هذا النظام الى تهديد حقيقي في الانهيار ، حيث خسر النظام اخر مواقعه في محافظة إدلب في الشمال بسقوط مطارها العسكري  وتقدمت فصائل المعارضة المسلحة من ريف اللاذقية واقتربت كذلك  من مركز المدينة .
وعند ذكر  “الجهود المتواصلة”   نستحضر إنقاذ الروس لسوريا من هجمة جوية خطط لها الأميركان والغرب في صيف عام ٢٠١٣ومساهمتها الحاسمة في  مشروع تفكيك الترسانة الكيماوية للنظام.
وبين عامي ٢٠١٣ و ٢٠١٥ حدث كثير من المتغيرات :
مشكلة أوكرانيا  – ظهور داعش واحتلالها لأراض عراقية وسورية – الحرب في اليمن – الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب – آلاف اللاجئين الهاربين من مناطق النزاع – سقوط  نظام الاخوان المسلمين في مصر .
وبين هذين العامين كذلك ترسخ  “ثابت ” اريد له ان لا يكون متغيرا  : دعم الروس والايرانيين لنظام بشار الأسد .

ومما لا شك فيه ان  حملة عسكرية تتضمن 2500 خبير عسكري وجنود في وحدات خاصة، وطائرات حديثة من طراز “سوخوي 27″، و”سوخوي 30″ هي حملة حرب اكثر ما تكون حملة “استشارات حربية “كما كانت او كما  تقوم بها بعض الأطراف في المنطقة، ولكن لماذا ؟
اولا : لان موسكو تعتبر دمشق السور الاكيد ضد تمدد الارهاب السلفي في المنطقة الذي قد يشمل بيروت ومناطق اخرى ويعرض الأقليات الدينية ومنها اتباع الكنيسة الشرقية  الى خطر الإبادة كما حدث في العراق .

ثانيا : إسناد نظام حليف مهدد بالخطر وهو هدف هام في عيون حلفاء موسكو من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة . روسيا الحديثة القوية بحاجة لحلفاء واثقين بها وأحلاف متينة كي تعزز برامجها التنموية معهم وتحقق أهدافها المثبتة ضمن خططها الاستراتيجية للعقود القادمة . تمتلك روسيا قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس منذ عام ١٩٧٩ وتجهز النظام السوري في السلاح ويركز تصعيدها العسكري على رص صفوف التحالف الدولي  لضرب داعش والتنظيمات الإرهابية بصورة فعالة “جدا”…

ثالثا : فشل الجهود الدولية وفي مقدمتها ( الأميركية ) في وقف تمدد التنظيمات الإرهابية، حيث  اعترف البنتاغون  بأنه لايملك أي أخبار عن “المتمردين المعتدلين” الذين دربوهم للقتال ضد داعش, لأنهم, بكل بساطة, انضموا جميعا, من دون استثناء, لتنظيم القاعدة.

رابعا  : تتابع اجهزة المخابرات الروسية تطور الاحداث في سوريا والمنطقة وتسجل تدفق المقاتلين القادمين من مناطق اسيا الوسطى والقوقاز ويقلقها كثيرا بلورة “تشكيلات ارهابية  إسلامية أوروبية ” تنقل فيما بعد جبهات القتال الى مناطق النفوذ الروسي وذلك لوجود بيئة خصبة ( مبايعة احد إمارات القوقاز الوسطى الى داعش مؤخرا وبروز تنظيم جبهة أوزبكستان الاسلامية ). ذكر الشيخ عبد الرحمن المغربي في فتواه حول جهاد القوقازيين في سوريا
(،….بعض شباب القوقاز يمكنه الذهاب للجهاد في الشام من أجل منفعة معُيَنة للجهاد في بلاده. مثلا، اكتساب الخبرة العسكرية والتدريب العسكري الذين يصعب أن يحصلوا عليه في بلادهم. ولمن كانت هذه نيته، فليس هناك إشكال في مثل هذا الموقف، بل على العكس من ذلك فهو مطلوب، ولكن بشرط بعد أن يكمل ما هو مطلوب منه، أن يرجع إلى إخوانه ليفيد إخوانه. وإذا قتل خلال هذا الفترة، فله أجر الشهيد لنيته وأهدافه.).
وقد ذكرت بعض المصادر تصريحا لسيرغي سميرنوف النائب الأول لمدير جهاز الأمن الاتحادي الروسي أشار فيه الى وجود  “ نحو 2400 روسي يقاتلون مع تنظيم الدولة الإسلامية”.
 كل ذلك يرسخ قناعة روسيا في شبح انتقال المعارك الى ساحاتها الداخلية وفي أهمية ادراج  جهودها النشطة في الشرق الأوسط ضمن خانة الحرب الاستباقية الهادفة  لتعزيز أمنها القومي ووقايته من ( أمراض الارهاب القادمة من الشرق )!!! وهي قد تحمل اتجاهين ( او مرحلتين ) اولهما تشكيل منطقة جذب ( واستيراد )  للجماعات التكفيرية من اسيا الوسطى والقوقاز وثانيهما  ضرب  الجماعات الإرهابية في حملة “جادة” بعيدة عن حملات “الاحتواء” التي عرفتها المنطقة لحد الان .
كثير من  التساؤلات الحزينة تطفو الى السطح من جديد    : متى يسدل الستار عن مشاهد القتل والخراب في المنطقة ؟ وكم حجم الخسائر الباقية ؟ ومتى سيتم إعمار ما خربته الحروب ؟
اهم تلك التساؤلات  حول “ثابت ” لم يتغير في منطقة الشرق الأوسط  : ما هو موقع ” الانسان ” في كل ذلك ؟؟؟