في سبعينيات القرن العشرين قال أحد المفكرين الستراتيجيين المعروفين آنذاك , أن البلاد صنعت جيلا مثقفا وواعيا وسيكون له رأي , ولا بد من نظلم ديمقراطي يستوعبه , وإلا فأنه سيتحول إلى رماد!!
فكانت أطول حرب شهدها ذلك القرن , وأحالت الجيل الواعي المثقف إلى عصف مأكول.
وكلما توافد جيل في بلادنا , حُفرت له خنادق الويلات , وتحقق طمره فيها وتغيبه والتخلص منه.
جيلنا عانى ذات المأساة , وما نجى من المحرقة إلا القليل المضمخ بالشدائد والدمامل الوخيمة التأثير , فأكثرنا أصابه العوق النفسي من أهوال ما واجهه من المشاهد الفظيعة.
حضرت معاناة جيلنا المسكون بالوعيد , أمام حشود الشباب المتعلم , الباحث عن فرص للعمل بما يعرف ولتحقيق مشاريعه البديعة التوجهات.
وما وجدت الجهات المسؤولة سوى أن ترميه في ناعور الصراعات المؤدينة , المكبلة للنشاطات والمبددة للطاقات , وليكون البلد كبدن الشمعة الذي تحرقه النيران , فالوطن شمعة فتيلتها الحارقة الأجيال المتوافد الحالمة بالعطاء والبناء , وإذا بها تستحيل إلى كومة بلا ملامح يحتفل بها التراب.
واليوم يتنامى الكلام عن البطالة وكساد سوق العمالة وفقدان التعيينات , وغياب محفزات نشاطات القطاع الخاص , والحل كالعادة فتح بوابات الجحيم لتتلقف المطالبين بحقوقهم في الحياة.
إنها الحروب المفتعلة اللازمة للمحق , فهذا هو الجواب المتكرر العقيم.
دول الدنيا تريد بشرا , ودولنا تقتل البشر , لعجزها عن الإستثمار بالطاقات البشرية , وهذه عاهة حضارية مروعة ونكيدة.
فلماذا لا نعبد دروب الحياة , ونجتهد في صناعة ميادين الموت وطرق الغياب , وشعارنا ” درب الصد ما رد” و “الله وياك يالمنحدر”!!
إنها لعبة إفتراس قاسية ذات إمتداد بعيد!!