( RIVER DANCE ) اسطورة في مجرة الفن ….. عرض تحليلي لهذا النوع من الرقص فنيا وحسابيا
انا لا اعتبر الفن بكافة اشكاله كائن يعيش ضمن عالم وحيد منفرد بل كل انواع الفنون بداية بالمسرح والسينما والطرب والفن التشكيلي بمدارسه المختلفة السريالية والتكعيبية والتجريدية وصولا الى المدرسة المعاصرة والحان وانغام الموسيقى والنحت وصولا الى الرسم على الجدران بطريقة ساخرة وفلسفية وثورية والعزف على البراميل وحاويات النفايات اعتبر كل هذا عدة عوالم تعيش ضمن مجرة الفن …..
فكتابة الشعر والقصة والمقالة ايضا نوع من انواع الفنون ولكن تعيش ضمن قالب معين له معايير ومقاييس معينة لا يمكن الخروج عن بنيتها الاساسية ولكن الفن بكل انواعه يخرج عن معادلته الاصلية فتبقى الجذور فنية ولكن الكيفية التي يتم بها ايصال هذا الفن هو الذي يكسبها رونقها وعبيرها في الابداع الانساني …..
فمن احد انواع الفنون الانسانية ( الرقص على الاقدام ) الذي يعتبر من الفنون الراقية والمميزة فهو يمزج ما بين الاناقة في ارتداء راقصوه وراقصاته الملابس وبين الموسيقى والحركات التعبيرية والصرخات وصولا الى الرقص على القدم لكي تولد موسيقى جديدة تصدح انغامها ما بين كعب حذاء الراقص والراقصة برفقة الموسيقى وغالبا ما تكون نوعية هذه الموسيقى من التراث والفلكلور الايرلندي هنا تبرز اصوات اخرى بجانب كل الاصوات الموجودة في فضاء المسرح وهذا ما يسمى بالابداع الذي يولد منه الابداع …..
وخير مثال على هذا النوع الفريد من الرقص الاوركسترا العالمية ( رقصة النهر ) RIVER DANCE فهذه تعتبر بحد ذاتها مجرة فنية تكتمل فيها الصور الفنية بكل انواعها وهنالك العديد من الحفلات العالمية الاخرى التي استقطبت قاعدة جماهيرية واسعة من خلال هذا الفن ولكن تبقى ( رقصة النهر ) الارقى عالميا لما تحويه من ابداعات بشرية ضخمة جسدت معاني الكثير من القيم والمبادىء والاخلاقيات التي بنيت على اساسها عوالم الفن والملاحظ في هذا النوع الخالد من الفن الراقص ان من يتابعوه هم من الطبقة المتمدنة ثقافيا فلهذا الفن دلالات ومعاني عميقة لا يمكن فهمها بسهولة …..
فالعملية ليست مجرد حركات راقصة بل تتعدى كونها ملحمة تمزج ما بين التأريخ والفلسفة والفن ببعضها البعض لذا انا اطلق على اوركسترا رقصة النهر بالاسطورة التي ولدت من رحم مجرة الفن لذا كلما اردت ان ابتعد عن فوضى كل شيء يحيط بيومياتي احاول الاسترخاء واخذ قيلولة فنية بمشاهدة فصول هذه الاوركسترا وغيرها من الحفلات المشابهة لها ولا تقل شأنا عن التراجيديا والدراما التي تملكها في اجزاءها من رقص وموسيقى واناقة والشيء الاخر الغريب في اوركسترا رقصة النهر انه لا يمكن لأي عازف كان يعزف على اية الة موسيقية ان يحاول عزف الحان وانغام التراث والفلكلور الايرلندي لأنها موسيقى بقدر ما هي ممتعة وناضجة وسلسة لكنها تحمل صعوبة بالغة في تعلم كيفية عزف الحانها وانغامها وينطبق هذا الكلام على طريقة الرقص فالانسيابية والمرونة التي يتصف بها راقصوه وراقصاته لا يمكن تعلمها بسهولة فمثلا لو قارنا ما بين لاعبي الجمباز وراقصي هذا النوع من الفن فالنتيجة هي كالاتي …..
لاعب الجمباز يمتلك جسم بشري يؤهله لكي يصنع حركات مطاطية من خلال عضلاته ولكن المثير في هذا ان راقص او راقصة هذا النوع من الفن يمتلك جسم بشري يؤهله لكي يصنع حركات مطاطية ايضا ولكن تفوق سرعتها اضعاف سرعة حركات لاعب الجمباز والتوقيت هنا مهم فلاعب الجمباز يصنع الحركات في دقائق معينة ولكن لو وضع ذات التوقيت لراقص او راقصة هذا النوع من الفن فأن حركات لا عب الجمباز لن تصل الى 1 % كنسبة مئوية مقارنة بحركات راقصة تتعدى نسبتها 100% لأن هنالك متسع من الوقت لعمل وصنع حركات بكعب الحذاء ترافقها ايماءات جسمانية خيالية لا يمكن عدها …..
فالموضوع يمكن تحليله بطريقة رياضية فمثلا ورقة بيضاء A4 بعملية حسابية يمكن طرحها وضربها وتقسيمها في مصفوفة لوغارتمية رياضية لو تم تقطيعها لو وصلت الى القمر ارتفاعا …..
اي ان النسبة تتخطى الاضعاف وهذا هو الابداع البشري فالفن يكتسح الرياضة في الاسلوب والكيفية والتوقيت …..
لذا فرقصة النهر اسطورة تستحق التوثيق فنيا بالصورة والكلمة …..