الغربة هي البعد عن الوطن. في بلاد الغربة أنت مهما أنجزت, لاتستطيع أن تشعر بأنك تمتلك شيئا, أنت تمتلك أحلامك فقط. وبرغم ذلك فان من يستمر بالعيش في الغربة لفترة طويلة, لن يستطيع العودة والاستقرار في وطنه مطلقا, لأنه سيشعر فيه بصدمة ثقافية ومجتمعية تنسيه وحشة الغربة ومعاناتها. ولذا لن يجد المغترب القدرة على الاندماج والاستقرار في وطنه مجددا بالرغم من اشتياقه له. ولكن هناك سلبيات كثيرة ومؤثرة عند العيش خارج الوطن والغياب عنه لمدة طويلة, لأنه يمكن أن يحدث دمارا لشعور الشخص بهويته, وهو شعور يزداد حدة بمرور الوقت, ومع تعاقب الأجيال ستضعف الروابط الأسرية وتتهاوى الموروثات والتقاليد والثوابت. فكلما طال وقت الغياب, قل الشعور بالانتماء لأي أرض أوعقيدة. ولابد لنا أن نذكر بان شدة المعاناة في الغربة ربما ترجع الى استغراق الشخص في التفكير بمضارها مع عدم رضاه بمزاياها المادية والانسانية التي يراها أقل مما ينبغي, بينما حاله هو أفضل بكثير مما سيجده في بلده الأم الذي لايزال ومنذ أمد بعيد راقدا في غياهب سبات عميق. وكنا نأمل ونحلم بأن يستعيد وطننا وعيه وعافيته لنكتشف بعد مرورالسنين بأنها لم تكن سوى أضغاث أحلام وسراب لامتناهي. فان الواقع لمحزن أليم. ولكون الشعور بالغربة الذي تحسه وأنت في وطنك هو الأقسى, فيا أيها المغتربون الذين تنتحبون ليل نهار حنينا للوطن, تحملوا الغربة بنفوس راضية وشاكرة للفرصة التي يتمناها الكثيرون ولايجدون. وتذكروا قول القائل (من كان في نعمة ولم يشكر خرج منها ولم يشعر). أو عودوا الى أحضان الوطن الدافئة الحنونة راضين آمنين مطمئنين, فان أبوابه مشرعة دوما لاستقبالكم والترحيب بكم. فما الذي يمنعكم؟؟!!