تتفق الأديان الإبراهيمية على قصة آدم و حواء، و عدا عن مخالفة هذه القصة لما نعرفه اليوم من استحالة نشوء نسل البشرية كله من مجرد ذكر و أنثى، فإن ما يهمني منها هو جانبها الأخلاقي.
الله يخلق آدم و حواء و يطلب منهما عدم الأكل من شجرة تفاح. تثار هنا الأسئلة التالية: لماذا حرم عليهما هذه الشجرة؟ هل كان يخبر طاعتهما؟ كيف لنا أن نقول أن الله يختبر الخلق و هو من خلقهم و يعرف كيف يفكرون عدا عن أنه كلي العلم؟ و إن كان هناك سبب آخر فلمَ لم يضع الشجرة في مكان آخر بعيداً عن آدم و زوجه، أو على الأقل يحيطها بسور أو بما يمنعهم من الوصول إليها؟
الشيطان لخصومة له مع الله يغري حواء بالأكل من التفاح و هي بدورها تطعم آدم فيغضب الله و يعاقبهم بوضعهم في الأرض (و يبدو في التوراة واضحاً أن الله كان غاضباً جداً و أن رميه لآدم و حواء على الأرض ليس عقوبة لهما فقط بل لنسلهما) و هنا لا نملك إلا أن نتساءل: هل يستحق أكل تفاحة كل هذه العقوبة؟ و إن كانت العقوبة هي لمخالفة أمر الرب فهل يستوي الله الرحيم مع هذه العقوبة؟ و إن كانت تستوي فما ذنبنا نحن؟
ألا تبين هذه القصة أن لا هدف خلقنا على الأرض و أننا أتينا إليها بسبب غلطة شخصين لا علاقة لنا بهما سوى النسب البعيد؟
لا أدري إن كانت المسيحية تعتبر كل وليد يأتي إلى الحياة يحمل ذنب آدم و حواء و بالتالي فهو مذنب حتى قبل أن يفتح فمه للبكاء، لكن يبدو لي أن المسيحية قد تناولت قضية الغفران بطريقة غريبة.
فالله لشدة محبته لعباده يرسل ابنه الوحيد ليتم تعذيبه و قتله بشكل شنيع ليمسح خطايا البشر!!!
حسناً، يبدو لي كشخص يفكر من خارج الدين أن هذه العبارة مريضة بشكل واضح.
فأولاً ما ذنب شخص بريء ليحاسب مكان المذنب؟ و كيف بموت البريء تمسح خطايا المخطئ؟ هل يمكننا أن نأتي بعشرة لصوص و شخص شريف و نقتله ثم نقول للصوص أن خطاياكم قد غفرت؟
و ثانياً عندما يمن علينا الله بأنه لشدة حبه لنا دفع بابنه الوحيد للتعذيب و الإعدام ليسامحنا بسبب ذلك عما فعلنا، ألا يشبه ذلك فيما لو أخطأ بحقي شخص ما و أمسكت بشخص آخر و أوسعته ضرباً و ركلاً ثم قلت للأول هل رأيت؟ لقد فعلت ذلك لأنني أحبك، و الآن أنا أسامحك. هل هذا الفعل منطقي؟
ألم يكن بإمكان الله في الأساس أن يسامح دون أن يوغل بالدم؟