مخطئ تماماً من يتصور أن الولايات المتحدة سوف تقف عاجزة، قبالة التقدم الذي تحرزه الحكومة السورية أمام المعارضة؛ سياسياً وميدانياً. فعلى الصعيد السياسي يعد تشرذم المعارضة السورية نصراً سياسياً للحكومة السورية، وهي قادرة على إستثماره جيداً في جنيف2، إما على الصعيد الميداني، فالتفوق واضح لصالح الحكومة، سيما مع تناحر المعارضة السورية. الولايات المتحدة دخلت مضمار مفاوضات جنيف2 وتحت أيديها عدة سيناريوهات، قد اعدت لها العدة، بالرغم من تقاطع أحداثها.
تمتاز تلك السيناريوهات بالديناميكية، وهي من أبرز سمات قوة الولايات المتحدة، ويعود ذلك الى تفوقها الكبير إقتصادياً وعسكرياً، وهيمنتها على العديد من الدول الإقليمية، ولكونها الطرف الأقوى في توازنات القوى العالمية.
البعض ينظر الى الولايات المتحدة بعين الإستخفاف، أو الإنحياز الى خصومها، سيما أن خصوم الولايات المتحدة تجمعوا معاً في تحالف مترامي الأطراف، يتكون من دول عظمى كالإتحاد الروسي والصين، وأخرى إقليمية، كالجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تمتلك قوة لا يستهان بها، بالإضافة الى إمتلاكها موقعاً جغرافياً متميزاً، وعمقاً حضارياً عريقاً، وتمازجاً ثقافياً مع قوى مؤثرة في المنطقة، مما يجعلها حليفاً نوعياً لبقية خصوم الولايات الولايات المتحدة، وخصماً عتيداً لها.
بالرغم من ذلك فإن تلك النظرة تفتقر الى الموضوعية، فالإستقراء الدقيق للأحداث، والإستقصاء المنطقي للسيناريوهات الممكنة، والتي بالإمكان توقعها من خلال تطورات الأحداث، وتبدلات القرارات ووجهات النظر الأمريكية، جميعها تشير الى نتيجة واحدة، مهما تعددت الوسائل؛ الا وهي تنحي نظام بشار الأسد. بعد ذلك تعمل الأمم المتحدة على تعيين هيئة تقوم بتشكيل مجلس حكم إنتقالي من أشخاص حياديين من خارج الحكومة والمعارضة الإسلاموية.
لعل البعض يرى أن تلك الحكومة الإنتقالية، قد تواجه معارضة شديدة من قبل الإخوان المسلمين كونها قامت على أنقاض المعارضة الأسلاموية، مما قد يؤدي الى إندلاع مواجهات مسلحة بينها وبين الإخوان، والذي ينذر بعودة الأحداث الى المربع الأول.
تلك الأحداث قد تحصل بالفعل، بيد أنها لن تعيد الأمر الى المربع الأول، لان من سيعارض الحكومة الإنتقالية المدعومة من قبل المجتمع الدولي، سوف يحكم عليه بالإرهاب، وعندها سيكون مصير المعارضة الإسلاموية كمصير الإخوان المسلمين في مصر.