عادة ما يكلف الموظف او الأستاذ الجامعي أو الكوادر المهنية والفنية بالعموم، بالدخول في دورات تطويرية من أجل تحسين الأداء من جهة او استكمال مستلزمات الترقيات الإدارية والعلمية من جهة ثانية.
ولا يخفى على أحد ان العالم من حولنا يتطور بوتيرة سريعة للغاية في شتى المجالات، وإلى درجة اصبح اللحاق به مسالة صعبة ومعقدة، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله كما تقول القاعدة الشهيرة، وبالتالي كان من الواجب بذل الجهود في هذا الجانب وعدم اهماله.
واتذكر قبل اعوام حين دخلنا عدة دورات تطويرية بغية الترقية العلمية، وقتها اعجبت حقيقة بمستوى الاهتمام الذي بذل، والجدية في تقديم المعلومات، والحصيلة النهائية التي ما زلت احتفظ بالكثير منها، مما يعني أن تلك الدورات حققت غايتها وبنسبة طيبة، ولم تكن اكمال عدد، أو اسقاط فرض كما يحدث اليوم.
ان الناظر في مجال هذه الدورات في وقتنا الراهن يجد حالة عامة تغلب عليها، أولها عدم التوافق بين العناوين والمضامين وبين مستوى التطور الذي وصل إليه العلم المتعلق بها، كذلك عدم الأخذ بنظر الاعتبار مستوى المتدرب والمتقدم والذي ربما قد تجاوز هذه المستويات ومنذ زمن، فضلاً عن تحولها إلى عبء ثقيل وانجاز نظري وتحصيل حاصل كما يقال، وذلك في الدورات التي تعقد في أماكن قريبة من محل العمل، اما تلك التي تنظم خارج المدينة أو البلد فحدث ولا حرج من تحولها إلى سفرات ترفيهية وباب من أبواب الفساد الاداري والمالي سواء عبر المحاباة في قبول العروض التدريبية او اتمام التكاليف المتعلقة بها.
ان حالة التراجع بل وقد نقول التخلف التي تعتري نظم الإدارة في المؤسسات والوزارات لدينا، والفجوة الكبرى بين المعرفة الموجودة داخلياً ومستويات تقدمها خارجياً، ان كل ذلك بات ينعكس بشكل واضح على مستوى الاداء بالتالي، والذي يجعلنا متأخرين عن غيرنا بسنوات ضوئية على الرغم من حالة الانفتاح الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم في ظل آفاق التواصل الواسعة والتي سهلت الحصول على المعلومة والتواصل مع المختصين.
ولذلك لا بد من اعادة النظر بهذا الملف المهم والضروري، بدءاً من تشكيل أقسام التدريب والتطوير في الوزارات والمؤسسات، وصولاً إلى تحديد الاحتياجات الأساسية اللازمة، وانتهاءً بتقديم مادة حقيقية تشكل اضافة للكوادر وتمثل انجازاً مؤثراً في مسار تقدم بلدنا، وبدون ذلك فنحن ندور في ذات الحلقة المفرغة من تكرار المعلومة وتسطيح المعرفة والمزيد من النفقات المهدرة.