18 ديسمبر، 2024 5:42 م

داعش من الماضي ولكن!!

داعش من الماضي ولكن!!

يتفق الخبراء في الارهاب و الحرب النفسية بان الحاق الهزيمة العسكرية بتنظيم داعش مسألة وقت فقط، فقد انتهى وهم ” دولة الخلافة” بخسارة الموصل و تقليم أظافر التنظيم في الرقة، مع احتمالات مؤكدة بأن مناطق نفوذه في العراق ستسقط تدريجيا بعد انتهاء معركة الساحل الأيمن بالموصل، حيث ستنهار خطوط التموين و المناورة في الحويجة و جبال حمرين بمعنى خسارة مناطق النفوذ وغياب المساحة الجغرافية الكاملة التي كانت تحتضنه، و التي لم يعد قادرا على استعادة قرية فيها ليصبح في موضع الدفاع المهزوم.

ورغم أهمية الهزيمة التي ستلحق بالتنظيم في وقت لاحق بالموصل إلا أنها ستضع الجميع على خط النار لفترات طويلة، بل وقد تحمل سيناريوهات مقلقة تحركها المشاكل الطائفية المتأججة تارة وتعدد أطراف الصراع تارة أخرى، و مزاجيات السياسيين الرافضة لهزيمة النفوذ، ما يكشف عن الحاجة لدولة نظام تضع مصلحة العراق و شعبه خارج حسابات أي تخندقات حزبية أو مزاجيات شخصية لعبت دورا محوريا بانتهاك سيادة العراق، بدفع اقليمي تارة و بما يسمون جزافا ” الغيرة على الطائفة” تارة أخرى، مع الاقرار أن الاثنين ينهلان من جرف هار أسمه المحافظة على الجاه الشخصي بذراع أجنبية.

وفي هذا السياق ينصح الخبراء بمعالجة جذرية للأسباب التي سهلت ظهور داعش في العراق،بسبب مشاعر الغضب من السياسات الاقصائية التي دفعت المواطن للاحتماء بأي بديل، و لأن الخوف من المجهول غالبا ما يعزز الهروب الى الدين و مؤسساته بحثا عن ملاذ آمن، فقد استغل التنظيم هذه الحالة للانتشار سريعا كمنقذ قبل أن يتحول الى جلاد دولي بعد التمكن من توسيه قاعدة الانتشار الترهيبي في النفوس، لذلك يجب الاقرار بأن داعش ولد من رحم المشروع الطائفي المسيس ، والذي حان وقت استئصاله بقراءة واقعية للأولويات لمنع بقاء النار تحت الرماد بانتظار عود ثقاب لاعادة لهبها.

ان الابقاء على النازحين بعيدا عن مناطق سكناهم و تواصلهم المجتمعي يمثل خلل في القدرة على الاستفادة من التجارب، لأن زرع هاجس الخوف من التغيير الديموغرافي لهذه المناطق يضع آهلها أمام خيار واحد هو ” الاستجارة من الرمضاء بالنار” بزعم ليس هناك من خسارة اضافية بعد الدار و الاهل..لذلك فان رئيس الوزراء حيدر العبادي مطالب بسياسة لاستيعاب

الدرس والإقرار بأن الطائفية هي الحاضنة التي أنتجت داعش والعمل على بناء الدولة القادرة على إشعار كل العراقيين بالانتماء وحق العيش المشترك ، للقضاء على معادلة الاقصاء يساوي داعش بديلة، ستكون حاضنتها الجديدة هي صحارى المناطق الفارغة من آهلها، كبوابة للتمدد من جديد على شوارع المدن الكبيرة.

لا يجب اعتماد استراتيجية قصيرة الأمد في التعامل مع التنظيمات المتطرفة بحجة أن الحكومة الفلانية أنهت داعش عسكريا عندما كانت في المسؤولية، فالمهم كيفية منع هذا التنظيم أو غيره من معاودة الظهور مرة ثانية، فاستقرار الدول و المجتمعات ليس مراهنة مرحلية، ما يستدعي التعجيل في تحقيق ثلاثية المصالحة و عودة النازحين بضمان القانون وطي صفحة العيش في الماضي، فالمواطن يبحث عن الاستقرار و العيش الآمن و لايهمه أسم المسؤول أو انتماءاته طالما يفكر بعراق يتسع لجميع أبنائه، وبمجر النظر الى هوية المتطوعين للقضاء على داعش يكتشف المرء حاجة العراقيين الاستثنائية لدولة المواطنة.