بدءا ان داعش تحصيل حاصل لمنتج سياسي قبيح الصنع رديئ المنشأ , ظهر على السطح بفعل تخطيط ممنهج لارادات دولية اقليمية , استطاعت ان تمتد في مساحاتها عبر الظرف والمناخ الذي تحقق لها في ظل حراك الفوضى واشتعال المنطقة ببارود الازمات المتوالدة في رحم الشرق الاوسط , حتى باتت الحركات المتطرفة في الارض العربية تصطبغ بكيان وعنوان واحيانا تكون واجهة سلطوية, وان تخفت في عناوين فضفاضة الايحاء والاشارة, غير ان تكسر المشاريع المتطرفة وتراجع نسب النجاح والوصول في الاشهر الستة الاخيرة , قد افضى ان تتبع تلك الجماعات وبتوجيه من قبل صناعهم الى اتباع فلسفة الارض المحترقة مما يجعلها ان تظهر منكشفة الرأس من اجل تعويض او محاولة البقاء الايدلوجي في بعض الجحور والزوايا , وهو مايدفعها بالتوجه في حراكها نحو الاراضي ذات الهشاشة السياسية, ما حدى بأن تكون غربية العراق بشكل عام وبعض المناطق الاخرى اوكارا وملاذات لهم, كمحاولة لسحب الضغط في الارض السورية الى صحراء الانبار , ومع ان الارهاب رسم في الافق القريب ومنذ مايقارب اكثر من تسع سنوات خطوط الموت في العراق الا انه ظهر كقوى تواجه دولة بظهر مكشوف منذ عامين تقريبا, بعد توافر اسباب المداد والرعاية لهم من قبل بعض الجهات في الدخل العراقي, فباتت القوى الارهابية وداعش تشبه كرة الثلج المتدحرجة التي تزداد حجما كلما زاد تدحرجها, مما افضى اليوم عن جملة من التداعيات الخطيرة التي تقف في احراج المشروع السياسي العراقي برمته , وليس كما يقرأوه البعض بانها معركة حكومة مع ارهاب, وعليه فأن المواجهة الان تقود الى احدى الاتجاهين , ثبات وبقاء او رحيل ومغادرة , وعلى الجميع ان يحزم الامتعة باتجاه المواجهة, غير ان ذلك يفرض على ان تكون الحسابات دقيقة في صياغة ستراتيجية كفيلة بتوجيه مقود المعركة او السيطرة على ما ينعكس منها, والحرب ادارة وتخطيط وادوات كما هو معروف في الفقه العسكري ,وليست اجتهادات شخصية او اراء متشنجة تخلو من العقلانية القيادية , وحقيقة ان ما يظهر على الواقع من تفاقم وتسرطن للمجاميع الارهابية في جسد الانبار انما يؤشر الى اخفاقات في الية المعالجة والطرح, فمن الواضح ان المتابع لمستجدات مايدور في ثنايا المعركة يوميا ان القوى الامنية احيانا تتحرك بمسار ردة الفعل وليس الصانع للفعل وهو امر خطير ينفتح على اكثر من قراءة اذا ما اعتمدنا مثل هكذا فكر في تفسير وتوجيه الحركة كنظرية عسكرية , غير ان البندقية ليست الفصل الكافي في الحسم واستئصال الورم التكفيري, فعندما نتكلم عن معركة علينا ان ندرك ان السلاح والجيش هما جزءا من الحل وليس الوصفة الكاملة , فمثل هكذا مواجهة تحتاج الى ترميم سياسي قادر على تهيئة قرار سياسي غيرمخترق حتى يستطيع ان يؤسس لانتصار مدروس , ينطلق من خطاب وطني قادر على توجيه الجماهير وترسيخ قناعاتهم بقدسية النزال وماهية ذلك الخطر, لا ان نصنع من اخطأنا استقطابات واوعية تصد الضربات بسحب المواطنين الى احضان داعش , او كما يحدث الان وكما اشرنا اليه قبل ايام قلائل ان الارهاب سيستخدم المدنين دروع بشرية يستتر من خلفها , وايضا ذكرنا ان المواجهة اذا ماطال عمرها الزمني دون تحقيق نتائج ملموسة سيقتضي ان نتلقى السهام عبر اكثر من اتجاه وجهة, فداعش اليوم ثقيلة في ارض المعركة لا لأنها تملك اسلحة وافراد بل ان قوتها تقوم على انها تعتاش على بلد غير مستقر سياسيا , طريحا في علله الانتخابية والتسويقية الخارجة عن منطق التنافس الشريف , وبالتالي ان لم يكن هنالك موقف موحد تذوب فيها كل الحسابات الحزبية والسلطوية من اجل هدف اسمى ومعترك ابلغ فلن نبلغ النهاية التي نريدها ونسعى لها, وسيظل موضوع الارهاب ورقة سياسة تضعط بسبابتها على المجرى التنفسي للعراق السياسي وسيكون الاثر التدميري لسلوكيات الارهاب حاضرا وبقوة كلما كان هنالك تضارب اجندات بين بعض الفرقاء في المشهد العراقي.
واخيرا ان من حتميات مايجب الالتفات اليه هو التخلي عن الذات الكتلوية في سماع رأي الاخر حتى لا تمرر جملة ربما حاملة معها شئ من الحل ,
وقد حان الوقت الى اسدال النافذة الحزبية والدخول من باب الوطن , والا سنغادر الباب والنافذة.