الشريعة الأسلامية، القصاص، حُرمة الدَولة، الأسلام كَكل الذي شَرعَ هذه الشَرائع، كُلَ هذه المفاهيم وما يَتبعها مِن تفصيلات، باتت تبتاعها السُعودية مِن ديانات أخرى، غير مُهم إن كان “السيخ” يبيعون بِسعر أعلى، المُهم الوحيد هو؛ وجود غِطاء شَرعي لفعل لا شرعي، وهذا ليسَ الأسلام السماوي مِن قريبٍ أو بعيد.
هُبل واللات وعزة ومنات، وسَلمان وأبنه وأبن أخيه وأجداده السالفون، هَذه السِلسلة التي يَعود نَسبها لهُبل “إله التجارة عند مشركي قُريش”، تِجارة بضائع أو حُكم، لافرق كُلها تِجارة!
الثاني مِن كانون الثاني؛ كَشفت السُعودية عَن لِثام دينها الجَديد، نَفذّت حُكم “القصاص” بالشيخ النِمر، ولا نَدري ما هو هذا الدين الجديد الذي يُشرع؛ تنفيذ القَصاص بمسلم فقط لأنه أبدى رأيه!
الدِين الأسلامي شَرع القصاص حِفاظاً على المُجتمع؛ أي أنه ليس فقرة زائدة في موضوعة الحَياة، بَل أنه هو الحياة بنفسها، لذلك حدد شُروط تنفيذه وأسهب فيها، وفي جميعِ فقراته لا تَجد حُكماً يُشرع القصاص مِن مُعارض!
نَفذت السعودية الأعدام ووصفته بالقصاص، لكن لا أحد يعلم قصاص على ماذا؟! فالتهمة التي ساقوها للشيخ النمر، هي (تبني أفكار متشددة)! وهذه التُهمة ليست مِن مسببات القصاص، ذلك لأنها لا يُمكن قياسها بغياب الأدلة الواقعية، وهذا الذي لم نسمع بهِ، فحتى السعودية لم تُسرب خبراً واحداً على حالات عُنف قام بها الشيعة!
هذا الأمر يأخذنا إلى جانب أخر، جانب داعش الذي تُحاربه السعودية! فهناك في منطقة الدين الأخر أيضاً يُطبقون القصاص، ليسَ للقتلة فلا قتلة غيرهم وأنما؛ بالذين يتذمرون من حكم داعش! وهذا ما يربط بينَ الحالتين لا محال، فكلاهما يطبقان النظام نفسه للتُهمة نفسها!
السيف؛ هو الأداة المُفضلة عند الطرفين في تنفيذ الأعدام، التسريبات أظهرت مقطع فيديو يوثق أعدام الشيخ النمر ذبحاً بالسيف، في واحدة مِن مصاديق الأخراج الواحد لِكلا النظامين (السعودية وداعش)، فهُما الوحيدان اللذان يشتركان بهذه الطريقة في تنفيذ الأعدامات، أمام الناسَ، في ساحاتٍ عامة، يأتي السياف حاملاً رسالة للمُشاهد والسامع والبعيد، لا تَخرج على الحاكم!
هُنا؛ يَصبح لِزاماً علينا فِهم حادثة الشيخ النِمر، فهو أولاً مُعارض رأي لا حامل صاروخ، وثانياً خَرجَ بمطالب قابلة للتنفيذ في حِراك سِلمي، لم يخرج بمدفعيات ثقيلة وطائرات، وهذه تتكرر في مناطق نفوذ داعش، فلا رأي يُعلى على رأي الخليفة.
حاولت الحكومة السعودية، أبعاد الرأي العام عن طريقة تنفيذ الأعدام بحق الشيخ النمر، هرباً مِن عواقب الكارثة التي أفتعلتها أيديهم المُجرمة، لكن؛ ما رافق الحادثة من امور، يكون دليلاً على أن بني سُعود ذبحوا الشيخ النمر، فهم لم يُسلموا الجثة بعد جريمتهم، ولم يسمحوا لأحدٍ مِن أهله الحضور، ومن حضر منهم إن وجد، فهو يخشى ما قد يصل لبيتهِ من قتلٍ ودمار.
الفكر واحد والمشروع واحد والسيف واحد، والضحايا في كُلِ مكان بفضل هولاء، بوحشيتهم التي غذتها المال، والفتاوى الزائفة والصمت الدولي المخزي، هُنا وهناك يقتلون، بنفس التهمة والطريقة والأحداث، وهذا ما يجب أن يدفع المُجتمع الدولي، الى اعتبار أعدام الشيخ النمر، جريمة اغتيال سياسي.