المتصفح للمنشور في الصحف والمواقع يتعجب من كثرة المقالات التي تتناول الأشخاص , وتكون ذات مقروؤية عالية حسب إحصاء المواقع , وعندما تبحث عن المقالات التي تتناول موضوع الوطن وما يتصل به من حالات , تجدها نادرة وذات مقروئية قليلة.
وهي ظاهرة مهيمنة , وما إنتقلت من الشخص إلى الوطن!!
عشرات المقالات عن فلان الفلاني , وهيهات أن تجد مقالة عن الوطن!!
فكيف تُفسَّر هذه الظاهرة؟
من الواضح أن الأحزاب المدّعية بالدين أو المتاجرة به , والمتمكنة من السلطة لا تعترف بوطن وفقا لمنطلقاتها العقائدية , ولهذا تسعى لإلغائه من الوعي الجمعي , ولديها أبواقها الإعلامية ومواقعها وأقلامها التي تروّج لمفاهيم إلغاء الوطن.
كما أن لفقه الغنيمة دوره الفعال في إضعاف المشاعر الوطنية , وتمييع ما يتصل بالوطن من حالات وقيم ومفاهيم , فما دامت الأرض بما فيها وما عليها غنيمة , فإسقاط معنى الوطن من ضرورات الإغتنام والإستحواذ الحر المريح , وبموجب ذلك تشكلت المجاميع التي لديها القدرة العسكرية والمادية اللازمة للحفاظ على غنائمها المادية , تحت شعارات وإدعاءات تضليلية للتمويه على سلوك الغنيمة.
ومن الأسباب الرئيسية الأخرى , إضعاف هيبة الدولة ومؤسساتها وتحويلها إلى دمية بيد الأحزاب المؤدينة , التي تتبع مَن تتبع وتقلد من تقلد من رموزها الذين يمثلون حالة لا علاقة لها بوطن , وإنما بأفكار وتصورات ومعتقدات ذات تطلعات وهمية.
وبضعف الدولة وتجريدها من قدراتها الفعلية , وتمكن مجاميع الإغتنام والإلتهام , يصبح الوطن في خبر كانَ , والحديث عنه بصيغة الفعل المضارع نوع من الهذيان , مما يتسبب بشيوع ثقافة قتل الوطن والإنسان.
والمطلوب هو التحفيز الوطني , وإعلاء المعاني الوطنية والمواطنة وقيمة الوطن , فلا يوجد مجتمع بلا وطن , لأن الوطن مأوى الحياة والقوة والقدرة على البقاء والنماء.
فهل من عودة للإنتماء للوطن؟!!